قد لا تكون الحملة غير المسبوقة خارج الحسابات.. ولا التوقعات.. وقد تم التمهيد لها على مدى الأيام الماضية.. وقد لا يكون أيضاً ذلك الضخ الإعلامي والاستنفار السياسي بعيداً عن الأذهان وقد حملت التسريبات الجزء الأكبر من السيناريوهات المعدة، بعد أن أفلست بما سبقها.. وفشلت في سواها.
الفارق ربما في كمّ التفاصيل التي اندلقت فجأة وباتت مطابقة للعناوين، وقد ارتسمت في ملامحها النيات المخبأة.. وبانت خلفها الخفايا والأسرار التي احتوتها الغرف المغلقة التي أعدّتها أصابع وأيادي كبرى الاستخبارات الغربية.
فدمشق التي كانت على قدر المسؤولية جاءتها الفرصة.. وأتتها المناسبة كي تثبت من جديد أنها العصية.. والقادرة على تبديل المسميات وانتزاع التفاصيل والحكايات من أدراجهم لتعيد تشكيل المعادلات كما يجب أن تكون وعلى السكة الصحيحة المقاربة لتاريخها وضميرها وأصالتها.
في الحسابات تبدو أنها المجازفة الأخيرة والمغامرة الأخطر في كفة توهّم البعض أن بمقدوره أن يرجحها كما يخطط له أسياده ومبتكرو خططه.. وفي التوقعات كان الاختبار المنطقي حين بدت أنها عصية على الأخذ حتى لو اجتمعت كل خطط الأرض.. والتمّ حولها كل مرتزقة العالم وشذاذ الآفاق .
أما التفاصيل فإن ما تحمله سيكون نقطة التحوّل الكبرى والخطوة المفصلية في تحديد اتجاهات الحدث ومبرراته، حين أبرزت ما كان يعتقد انه النموذج الجديد للاعبين صغار أدمنوا على التورم والاستطالة.. واستفاقوا ليجدوا أمامهم الحقائق.
ما بين صباح أمس ومسائه رغم ضيق الساعات وتسارع عقاربها.. كان الفارق أكبر من حدود الزمن، والمتغير أوسع من مساحة الدقائق الفاصلة، حيث يكتب التاريخ هنا سطوره لمعادلة سورية لا أحد يستطيع تجاوزها أو تجاهل معطياتها.
وما بين التخطيط والتنفيذ وصولاً إلى النتيجة تبدو الحصيلة معادلة فرضت نفسها في اختبار انزلق إلى آخر القاع ولامس حضيضاً لم يصله يوماً، وهي تحاكي واقعاً لم يعد متاحاً لأحد المجازفة بالحدود الفاصلة بينه.
في الاختبارات الصعبة تبدو النتائج أسرع، وقدرتها على الحسم أشد وضوحاً.. وفيها أيضاً تُفرز خطوط العرض والطول.. تتمايز الأشياء وتنتفي المناطق الرمادية.. وتتشكل ضفاف المواقف واضحة جلية.
في اختبارات الأحداث الصعبة كان السوريون على قدر الاختبار.. أشهر طويلة مرت وهم يقارعون الظلاميين وأزلام الإرهاب وأدواته ومرتزقته.. واليوم كان السوريون نقطة التحوّل الجديدة التي ستكتب يوماً أن ما بعدها يختلف كثيراً عمّا قبلها، وما كان مسكوتاً عنه في الماضي لم يعد من المسموح التغاضي عنه.
ربما جاءت لحظة الحقيقة لنقل جميعاً: بالأمس وضعنا نقطة في آخر السطر.. ومن هنا يبدأ اليوم السطر الأول في صفحة جديدة كتبها السوريون بوضوح.. طالبوا بها مراراً وتكراراً.. والآن باتوا على يقين أنه الخط الفاصل بين تاريخين.. قلبوا الصفحة.. ولتبدأ المعادلة أيضاً من هنا.. من حيث نقف..!!
a-k-67@maktoob.com