والتي وظفت من أجلها أدوات كبيرة وكثيرة وأموالاً طائلة ومنظومات اعلامية واسعة, وربما يكون ما يجري على الأرض من محاولات محمومة لتسخينها بمزيد من الجرائم الارهابية هو الترجمة الحرفية للحالة إياها.
نعم هو الانتحار وليس من خيارات أخرى متاحة في السياسة وعلى الأرض, وكان يجب على هذه القوى أن تحسبها جيداً منذ أعلنت عن ولادة مشروعها البدعة (الفوضى الخلاقة), ذلك أن الفوضى لن تخلق لها إلا الفوضى التي توفر- ويتوافر معها - كل شروط الهزيمة والسقوط, ولن تضعها إلا أمام الخيارات المرة والمحدودة التي لن تقودها إلا إلى الهزيمة التي لم تكن هدفاً واضحاً للقوى التي تقف على الجانب الآخر والتي لم تبحث عن مواجهة فجة من هذا النوع والمستوى.
كل الوقت وعلى مدار الساعة كانت الولايات المتحدة واسرائيل والغرب الملتحق بهما تتحرّش وتهدد وتعتدي وتحاول التمدد على حساب القوى الأخرى, وعلى حساب الشعوب في آسيا وافريقيا وأوروبا من دون استثناء, وكل ما كانت تقوم به الأطراف المعتدى عليها هو محاولة الدفاع عن النفس, ومحاولة الدفاع عن القانون والمبادئ والقيم فقط من دون أي مبادرة للهجوم.
هذا ما كان يحصل على امتداد الكرة الأرضية من الصين التي استوعبت بهدوء كل محاولات التحرش الأمريكية, إلى روسيا التي لم يعد بمقدورها أن تكتفي بممارسة أرقى أشكال الرد السياسي والدبلوماسي على التهديدات المباشرة (الدرع الصاروخية) فضلاً عن محاولات التحرش المرفوضة, وصولاً إلى إيران والمنطقة المزروعة فيها إسرائيل خلية سرطانية تتكاثر شروراً لا توفر أحداً حتى على بعد آلاف الأميال شرقاً وغرباً, شمالاً وجنوباً.
هنا في سورية سقطت استراتيجية القضم والعدوان .. قدر سورية أن تكون الجغرافيا السياسية الأكثر أثراً وتأثيراً في هذا الكون, وقدر سورية أن تكون حجر الزاوية في المواجهة والمنازلة الكبرى التي سيولد منها نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يضع حداً لعنجهية الأميركي وعبثه.
قدر سورية أن تسقط على أرضها الطاهرة استراتيجيات الشر.. وقدرها أن تولد الآمال من أرضها الطاهرة, وكما أسهمت بفعالية في إسقاط مشروع الشرق الأوسط الكبير فإنها تسهم اليوم بإسقاط أحدث وأسوأ نسخة من مشروع الفوضى الخلاقة.
على مر الأزمان كانت سورية علامة فارقة في تاريخ الحضارة البشرية والتجارب الإنسانية في الثقافة والفن والسياسة والاقتصاد, وهكذا ستكون وتبقى, وهي تخط اليوم صفحة جديدة في التاريخ, وإذا كانت مشاريع قرارات العدوان الأمريكية – الغربية في مجلس الأمن الدولي سقطت أو ستسقط بالفيتو الروسي - الصيني, فإن الأرض السورية الصامدة الطاهرة والمقدسة هي الأصل.. وهي الأول والآخر.
ali.na_66@yahoo.com