التسريبات المتعددة تشير إلى أن التراجع كان وفق نصيحة شفهية قدمتها وزيرة خارجيته هيلاري كلنتون، ومفادها أنه ليس هناك ما يشير إلى إمكانية تنفيذ ما يطرحه لأن إسرائيل لم يعد لديها الرغبة في مواصلة عملية السلام في الوقت الحاضر!! ولا هي بنية ذلك في المدى المنظور، مع الإصرار على الاستمرار في بناء المستوطنات.
نصيحة كانت قد تسربت من قبل، ولا سيما بعد الجولة الأخيرة للمبعوث الأميركي جورج ميتشل، وتأكدت بعد أن خفت الحديث الأميركي المتواتر عن عملية السلام وعن الرؤية الأميركية التي كانت حتى أمد قريب تغزو الإعلام الأميركي والعالمي، لتصل أخيرا إلى التراجع عن إعلان الرؤية المنتظرة لعملية السلام.
المثير أن التراجع الأميركي يأتي في ظل تطورات موازية لا تقل خطورة عن الموقف الأميركي ذاته حيال الكثير من الممارسات الإسرائيلية، فبعد الفشل في إيقاف الاستيطان رغم اللغط الطويل الذي رافقه، تأتي اليوم الممارسات الإٍسرائيلية تجاه الأقصى ومحاولات اقتحامه المتكررة، والتي تكاد ردة الفعل تجاهها، تغيب تماما عن الموقف الأميركي.
والأكثر إثارة أنه أيضا يأتي مع استمرار المناورات الأميركية الإسرائيلية المشتركة لتطرح بمجملها سلسلة من الأسئلة الملحة حول الأداء الأميركي والموقف من عملية السلام وكل ما طرحه الرئيس أوباما منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
ثمة من يقول وربما هناك من يجزم أن التراجع الأميركي ليس أكثر من مقدمة لكثير من التطورات الدراماتيكية التي تنتظرها المنطقة، والقضية ليست في تأجيل إعلان رؤية بقدر ما هو انعكاس لواقع مزمن في الدور الأميركي لا زالت إدارة الرئيس أوباما عاجزة عن تخطيه، وربما غير جادة في فعل ذلك وهو الأصح، بدليل ان كل ما فعلته إزاء التحدي الإسرائيلي أنها استكانت لما أرادته إسرائيل ليس أكثر.
ولم يكن ذلك الوجه الوحيد للإذعان الأميركي غير المحدود لإسرائيل، بل يتجلى في الكثير من المعطيات وهو الانطباع الذي بات يشكل في الكثير من الأحيان الصيغة العملية للحضور الأميركي في المنطقة بكل ما يترتب عليه من عوامل خلل واضحة ستكون لها تداعياتها والخاسر الفعلي هو السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
a-k-67@maktoob.com