الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها كلها مؤمنة، أي واثقة بأن حياتنا هذه فانية تافهة، يجب ألا نكترث بها وهي تدفعنا للاهتمام بالآخرة.
اللهم أدم عليهم ورعهم وتقواهم وادخلهم جنتك بالسرعة الممكنة ولا تضيع لهم تعبهم.
كنت في التسعينيات إذا كتبت زاوية،أعلم في نفس اليوم عن تحرك لجنة تفتيش إما من الهيئة أو من الوزارة وأحياناً من رئاسة الحكومة حين يكون الموضوع كبيراً وخطيراً، وأحياناً يلفلف الموضوع لكنك تطمئن إلى أن هناك من يحسب الحساب للصحافة وما تنشر.
الآن ونظراً للإيمان المطلق بأن حياتنا هذه فانية فإنهم لا يكترثون بشيء، لا أحد يتحرك، لا أحد يرد، بل على العكس يأتي الرد أحياناً في تصريحات تعبر عن جرأة لامثيل لها في تكذيب ما هو ساطع الوضوح لدرجة الفضيحة . وهنا تصبح الفضيحة مزدوجة.
أن تصرخ وأن تنفلق من الصراخ.. يصبح صراخك مألوفاً وكأنه طبيعي ، وصمتهم(تطنيشهم) أكثر من طبيعي . وهكذا تتحول إلى مهرج أو ثرثار في مطحنة، حتى أنت لم تعد تسمع صوتك.
ربما هناك من يريد تحويلنا إلى ضفادع، ننق في مستنقع لا قرار له ،ربما صوتنا يكسر شيئاً من صمت الليل، وربما يستمتع البعض بصوتنا، لكنه عاجز عن تحويل المستنقع إلى مياه عذبة.
رغم ذلك فإنك تستمر في الصراخ على أمل أن تحصل معجزة تعطل محرك المطحنة لو قليلاً، ويصبح الصوت مسموعاً . أو أن الصراخ تحوّل إلى عادة . وفي هذا تقوية للحبال الصوتية وخدمة لواقعنا العربي، حيث يصنفوننا بأننا أمة صوتية.
مرّ شاب على رجل عجوز يعاني من ضعف السمع وربما لديه شيء من البلادة .
الشاب: مرحبا
العجوز: ها؟
الشاب:(عبقول مرحبا)
العجوز:آ....