وهي تحول جديد في هذا التعاطي ينبىء عن لغة مختلفة عما ساد خلال السنوات الماضية ولاسيما خلال حقبة الرئيس السابق جورج بوش .
السودان حبة في العقد الأميركي الذي تتعاطاه الإدارات الأميركية المتوالية في المنطقة العربية منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت, وهي, وإن تزيت السياسات المتبعة تجاهها بشيء من التغيير أو التعديل , إلا أنها لن تغير موقعها في العقد إياه , ولن تتبدل الغايات الأميركية البعيدة المدى منها ومن التعاطي بها على أنها مصلحة ما تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها بهذه الاستراتيجية أو تلك .
وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي ربطت تنفيذ الاستراتيجية الأميركية الجديدة بـ « تغييرات مطلوبة» من السودان تدرك في سريرتها أن لا تغيير حقيقياً ومختلفاً في سياسات بلادها تجاه هذا البلد العربي , وفي الغايات البعيدة لهذه السياسات سوى تغيير لغة التخاطب وأدواته, وبما يعيد تصنيفها تحت باب « القوة الناعمة», التي ربما تتيح للولايات المتحدة هامشا أكبر من النفوذ إلى داخل السودان وإعادة إنتاج وقولبة مشكلاته اقتراباً من الغايات الأميركية غير المعلنة .
لا شك أن ثمة ما هو إيجابي وحقيقي في تغيير لغة وأدوات التعاطي السياسي الأميركي مع السودان , يتيح , على الأقل , هامشاً أوسع أمامه وأمام قيادته لتدبير البيت الداخلي بعيداً عن الحصار والتهديد الخارجي المباشر , الذي يعانيه السودان منذ أمد طويل في محاولة لتطويعه وليِّ ذراعه وإخضاعه .
غير أن الأمر لا ينطوي على الإيجابية الكافية للقول إن السودان بات طليقاً وحراً تماماً, وأن إدارة الرئيس أوباما سوف تمد له يد العون التي تكرس حريته وسيادته , فنعومة القوة لا تعني غيابها .. بل تواريها فقط خلف ستار من حرير!!