ما يلفت الانتباه أن المعركة التي يعد بها نتنياهو ليست أول الوعود التي سيضطر نتنياهو لقطعها وليست أول المعارك، كما لن تكون آخرها، وإن كانت هذه المرة لها أولويتها في الأجندة الإسرائيلية، وتتقدم سواها سياسيا على الأقل.
فهو خاض ويخوض معركة تحدي المجتمع الدولي في استمرار الاستيطان، ومعركة تلميع الصورة السيئة التي تشكلت لدى أغلبية شعوب العالم عن إسرائيل وممارساتها، وربما أيضا معركة الانتقادات الموجهة لحكومته لتعطيلها عملية السلام، وغير بعيد من ذلك ملفها النووي الذي علت الأصوات للمطالبة بالكشف عنه والتنبيه من مخاطر التواطؤ في الصمت عليه.
فالقضية ليست في تقرير وجد طريقه إلى البوابة الدولية، بقدر ما هي حكاية سلوك إسرائيلي مارس القتل وارتكب الجريمة المنظمة، وامتهن الإرهاب على مدى أكثر من ستين عاما، ولم تكن الأدلة التي احتواها التقرير سوى غيض من فيض.
يستطيع نتنياهو أن يعد بما يشاء وأن يتوقع ما يريد من المعارك وشكلها وربما يحاول أن يتمنى اتجاهها، لكنه سيظل عاجزا عن وقف كرة ثلج أذن لها التقرير الدولي بالتدحرج في الملعب الدولي، وهي كرة ستكبر كلما أمعن الإسرائيليون في ممارساتهم، وفي نهجهم العدواني، لتكشف الكثير مما خبأته سنوات التواطؤ ، ولتنبش في الكثير مما اعتقد الإسرائيليون أو توهموا أنهم طمروه بالتقادم أو بالنسيان أو بالتجاهل.