وصولاً إلى تمكينها من بلورة دورها بالشكل المطلوب، مروراً بكل أطياف الخيارات المطروحة على الساحة الفلسطينية.
وإذا كان المناخ الدولي الإيجابي يوفر قاعدة لتسهيل الحوار الفلسطيني، فإن تجربة امتدت لسنوات كانت كافية لإقناع كل القوى الفلسطينية بأن الحوار الجاد والمسؤول هو البوابة الوحيدة الصالحة لإنتاج رؤية فلسطينية تقارب بقدر ما تستطيع متطلبات الحفاظ على الحقوق، وصون الوجود المستهدف على أكثر من صعيد.
وحين تحضر ثوابت الوضع الفلسطيني بكل معطياته، فإن الحوار يتيح الفرصة لمحاكاة متطلبات الصمود الفلسطيني، وتأمين عوامل الحد الأدنى من هذا الصمود لمواجهة تحديات لا تخفى على أحد، ولعل الفلسطينيين هم الأقدر على معرفتها، وقد خبروها جيداً في ظروف متباينة.
وفي المحصلة يشهد الوضع الفلسطيني البوادر الضرورية لمقاربة فعلية قادرة على تجاوز مطبات الماضي القريب منه والبعيد، بل وتساهم بفاعلية في تحقيق توافق على أولويات وثوابت لا يمكن تجاوزها، مثلما تحقق الحد الأدنى من شروط العمل الصحي في الداخل الفلسطيني.
لذلك ليست المسألة مجرد اتفاق على الحوار، وليست فقط إطلاقاً لطاقات العمل الفلسطيني بمساحته الكافية، بل هي أيضاً جزء من فعل فلسطيني يمكن له ان يكون الرهان الحقيقي في المرحلة المقبلة لصياغة فعل ينسجم مع تطلعات الشعب الفلسطيني.
وهذا ما يمكن تلمسه بوضوح في المعطيات الأولية التي تتحرك على الساحة الفلسطينية اليوم، وتضع الحوار على السكة الصحيحة لإنجاز ما عجز عنه في الماضي، وبالتالي تجاوز المصاعب والعقبات التي حالت دون تطويره إلى المستوى الذي يؤهله لتحقيق ما هو مطلوب.
ومع حضور الإرادة السياسية الكافية والنيات الجادة، لا بد من تطلع مشروع يقود الحوار الفلسطيني من طور البحث في الدوائر المغلقة، إلى تفعيل كامل لكل طاقات العمل لتكون كل خطوة تتحقق منطلقاً لخطوات أكثر فاعلية على المستوى الوطني، وصولا إلى توفير الحصانة لوحدة وطنية كانت وستبقى الملاذ الآمن للحقوق والوجود.