بمنأى عن صياغة حساسية أخلاقية فذة، مؤثرة، وغير قابلة للعطب».
حساسية اخلاقية؟ أين هي الآن؟ كما لو اننا لم نسمع باسكال بونيفاس وهو يتحدث عن الديمقراطية الرثة، والخادعة، والمتواطئة في أرجاء كثيرة من ذلك الغرب، ليسخر من الرجل الذي يحاول تقليد كاليغولا، لكن الفارق ان الامبراطور الروماني الذي عيّن حصانه كاهنا، ثم وزيرا. الآن، يولي كاليغولا - أو دونكيشوت اذا شئتم - المهمة - الجهة لتابعه الذي يرتدي هيلكه العظمي. حدقوا جيدا في المشهد...
... حيث لا يرى احدهم مفاعل ديمونا، والمفاعلات الاخرى التي بنيت في الظلام الدامس، وحيث لا يرى الترسانة التي تكتظ بمئات الرؤوس النووية، وحيث لا تتناهى اليه بربرية افيغدور ليبرمان، ولا نازية بني بيغن، ولا وصف آمنون كابيلوك، ذات يوم، لبنيامين نتنياهو .... بالافعى ذات الاجراس...
هذا كما لو ان الذي تعنيهم الآن شعوب الشرق الاوسط التي مزقوها بالاتفاقات، والصفقات، والسيناريوات، ناهيك بالشعوذة الايديولوجية والاستراتيجية، لم يقرؤوا النيجيري وول سونيكا، الحائز جائزة نوبل في الآداب، حين يقول «إن الإله الابيض لم يسمع انين آبائنا، ولا حشرجة الغابات، ولا حتى بكاء الماء».
كل ذلك المستنقع استيقظ فجأة، وراح يتحدث عن الديمقراطية، والحرية، وراح يتحدث عن العدالة التي طالما دمّروها، حيناً، بقاذفاتهم، وحيناً بأحذيتهم (مرة أخرى.. تابعوا المشهد).
يقظة المستنقع تثير سخرية الذين يلاحظون كيف أن وحيد القرن يعظ أو يرغي ويزبد، كما لو أن السوريين بقاماتهم الشاهقة، وبدفاعهم الرائع عن ترابهم، عن كل ذرة تراب، لا يرون أي طراز من السيناريوات يُنفذ الآن، وما تفعله المؤسسة الغربية لتفتيت القارة العربية قطعة قطعة مادام وليم كريستول يقول: «إن التاريخ هناك مات من زمن بعيد».
يريدون -بلغة وحيد قرن- أن تموت الجغرافيا أيضاً! مهمتنا أن نستيقظ نحن الآن، أن نستيقظ كلنا، قبل فوات الأوان!