من ناحية المبدأ كل هذه التحركات تعمل لخدمة مصالح أصحابها ولا شك في ذلك أبداً. لكن التخفيف عن سورية، ومحاولة حل الأزمة بالطرق السياسية والدبلوماسية وكل الأساليب الممكنة بما يخفف من وقع الآثار الكارثية على سورية الدولة أولاً « الأرض والسكان والموارد والبنية التحتية ...إلخ » تأتي في استراتيجية الدول الداعمة، لأن في استمرار سورية الدولة مصلحة لها، ولا شك أن هذا الهدف المنظور أو المشهود يضع هذه الدول في حالة دعم للحكومة القائمة.
أما الدول الأخرى فإن استراتيجيها تتماهى في العداء إلى درجة تجعل من خراب سورية هدفاً حقيقياً لها، بغض النظر عن الصح والخطأ في هذا الموقف؟! بمعنى أنه قد يكون تصوراً خاطئاً للمصلحة الحقيقية لهذه الدول ناجم عن الكراهية والحقد والرغبة في الانتقام، وعن أولوية أمن إسرائيل بالنسبة للغرب عموماً ومنها الولايات المتحدة خصوصاً.
لذلك استمرت دول الدعم تنادي بأولوية الحوار. في حين استمرت دول المعاداة ترفض الحوار كلياً! حتى إنها تعيق الحوار البيني للمعارضات السورية بهدف الوصول إلى رؤية موحدة من الأزمة، وهي بأمسّ الحاجة لذلك، وتصل الصعوبات في حوار داخلي للمعارضات مستوى صعوبة الحوار بينها وبين الحكومة إن لم تكن تتجاوزها! ويوماً ما ستجد المعارضات الراغبة في الحوار الداخلي أو مع الحكومة، أنها لا بد لها من أجل ذلك من إخراج ملفات الأزمة من الأيدي الخارجية.
أنا بالتأكيد لا أتهم المعارضات بالمؤامرة ووضع المقدرات الوطنية لعبة بين أيدي المصالح الخارجية، والتوزيع الذي أسلفت لدول داعمة وأخرى معادية لا تتوزع بالضرورة المعارضات السورية على أساسه.
إنما أرى الضرورة الملحة لإخراج إمكانات الحوار من القمقم الذي وضعته فيه الدول الخارجية وبينها العربية، بل بشكل خاص العربية، فنتنازل عن كل شرط يعيق الحوار.
المقدمة الأولى لإمكانات الحوار أن ترى الأطراف المدعوة كل منها الآخر، وترى استحالة القفز من فوقه. غير صحيح أبداً أن الدولة في سورية ضعيفة ومتهاوية بما يعيق الحوار معها! الدولة ضعفت فعلاً لكنها ليست ضعيفة. وهي قائمة وقوية ولها أبعادها الدولية والإقليمية، تتميز بمقدرتها على الحوار رغم البعدين الدولي والإقليمي اللذين يتمثلان بصورة رئيسة بروسيا والصين وإيران. هذه الدول تدعو دائماً للحوار بين السوريين بكل أطيافهم، في حين تدعو الدول المعادية لسورية لحوار بين المعارضات فقط في أحسن حالات سوء الظن، فكيف يكون داعية حوار من يستثني الحكومة السورية من دعوته؟! إذاً مع من سيكون الحوار؟!.
لقد أظهرت إيران في تحركها الأخير كما روسيا والصين، الدعم دون أي التباس لسورية لكنها تسعى لتحسين فرص الحوار والعمل المشترك من أجل سورية.
ودعت إلى اجتماع استشاري قالت إن عشر دول وافقت عليه لبحث الشأن السوري. وبالتأكيد ليست الدول العشر من اتجاه واحد في موقفها من المسألة السورية.
هذا ليس تراجعاً عن دعم، أو إعلان لموقف جديد، بل مصلحة في الحوار، على عكس المؤتمرات اصطفائية أطراف الحوار.
As.abboud@gmail.com