السؤال يتعلق مضمونه تحديداً بوسائل النقل الخاص وفي مقدمتها الشاحنات القاطرة والصهاريج المعدة لنقل المواد البترولية والسوائل المختلفة ، هذه الوسائل التي هرمت ولا زالت تستمد حياتها من عقود يوقعها مالكوها مع شركات ومؤسسات الدولة، لدرجة أن ما أنفقته تلك الجهات على بدلات النقل ، فاق حدود التصور ، ومدفوعات شهر واحد فقط ، تكفي لشراء عشر آليات دفعة واحدة ، والأهم من ذلك أن أحداً من القائمين على تلك الجهات العامة لم يكلف نفسه مجرد التفكير بتكوين أسطول نقله الخاص ، طالما يتركز الاعتماد على شاحنات وصهاريج مستأجرة من أشخاص امتهنوا هذه الأعمال .
لو توقفنا قليلاً وعلى سبيل المثال لا الحصر عند شركة « محروقات « وحدها، لوجدنا أرقاماً فلكية تدفع لاستئجار نحو 100 صهريج بسعات مختلفة لتأمين حاجة أحد فروعها شهرياً ، والأكثر من ذلك عندما نعلم أن هذا الفرع ينفق بشهر واحد ما يعادل 130 مليون ليرة لنقل المادة عبر الصهاريج المستأجرة ، وهذا يعني أكثر من مليار ليرة تدفع سنوياً وهي بالتأكيد تكفي لشراء أسطول خرافي من الصهاريج ، هذا غير أن هذا الأسطول سيؤمن مئات فرص العمل لصالح الشركة ، ومع ذلك يبقى السؤال لماذا ؟؟.
المثير أكثر للأسئلة أن بدلات النقل تضاعفت مئات المرات نظراً للظروف الخاصة وهذا ربما يكون مبرراً نوعاً ما ، لكن غير المبرر أن يتحول أمر رفع بدلات النقل إلى منصة لابتزاز الشركة باسم «الظروف» وفوق ذلك عندما تتوجه الصهاريج للمحطات العاملة تتقاضى على كل نقلة مبالغ كبيرة من أصحاب المحطات ، وطبعاً باسم « الظروف « فيقوم أصحاب المحطات بدورهم ، وباسم «الظروف» أيضاً بتحميلها لرقبة المستهلك مع زيادات وإكراميات .
هنا ومع تفهمنا لخصوصية الظرف العام ، لكن لماذا لا تتمسك الشركة بالظروف أيضاً وتبدأ بشراء أسطولها تدريجياً وباسم «الظروف»؟ لماذا تدفع الشركة لمالكي الصهاريج ولا تحول هذه المبالغ على أصحاب المحطات فيستبدلون المبالغ بالمادة ، كما يتم الأمر بموضوع قسائم المحروقات ؟؟.
أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات ومبررات مقنعة لهذا الاسترخاء الذي تعيشه بعض شركاتنا العامة في وقت تكون فيه الحلول بين يدي مديريها لكن ربما تكون « الظروف» لا تسمح ..؟!