بل وبتغييب المسار الطبيعي لأي جهد قادم ومن أي جهة كانت.
هكذا ببساطة تتحول القضية إلى موقف ملتبس من المساومات غير المجدية على قضية لاتحتمل أي نوع من المساومة لأنها بالأساس، ليست موضع نقاش أو تفاوض، وبإجماع يكاد أن يكون شاملا وحتى من الأميركيين، ومع ذلك كانت المتاهة التي نسجتها السياسة الإسرائيلية وبتواطؤ واضح، كان في أغلب الأحيان على شكل تثاؤب ممل في معارضة الفعل الإسرائيلي.
معارضة لم تتحرك بما يكفي للحد من سراديب وأفخاخ الممارسة الإسرائيلية، كما لم تكن جادة بما يكفي لردع إسرائيل فكانت الحصيلة المزيد من الإضافات على شكل ومحتوى المتاهة المتحركة باستمرار نحو نماذج أخرى من التعطيل.
واليوم تتحول المتاهة ذاتها إلى جحر يكاد أن يساوي في الكثير من تجلياته موقف يراد أن يكون في البازار السياسي إحدى المخارج لطريق مسدود أدمن الإسرائيليون على استحضاره مع كل جهد يلوح في الأفق، مع بعض التعديلات الشكلية التي تريد أولا وأخرا تقزيم القضية إلى حدود مشكلة بالكاد نختلف عليها، وفي بعض الأحيان نكاد أن نجمع على أنها المشكلة التي إذا ما حلت فإن ما يتبقى من القضية بعض الشكليات.
أليست هي سياسة التفريط حينا، وبادرات حسن النية حينا آخر وفيما تبقى مساومات بهذا القدر أو ذاك، تشهد عليها الغرف المغلقة التي يسرب بعض ما عرض فيها، والكثير مما تم قبوله خلالها؟!
أليست أيضا بعض من تجليات غياب الجدية في الموقف الدولي الذي طالما بنى ويبني الكثير من معطياته على تشتت الرؤية العربية وغياب الإرادة الفعلية في تحديد هوية وشكل المعضلة التي تواجه الجهد الدولي بما فيه الأميركي؟!
وأخيرا أليست هي بعض نتائج الصمت المريب على ما يسرب من تعهدات في تلك الغرف المغلقة، في لغة توحي بالموافقة الضمنية على بعض ما يسرب، والكثير مما يعلن ويصرح عنه، ليكون ذلك الموقف العربي في الكثير من معطياته جزءا من تلك المتاهة وبعضا من تفاصيلها؟!