وجاء بعده من يضع كتابا على شاكلته (العقد الفريد) وقيل ان احدهم قال: هذه بضاعتنا ردت الينا، اشارة الى انه قلد كتاب الاغاني، وعلى ذمة الراوي ايضا سيف الدولة الحمداني الذي كان يجمع وسادة من تراب المعارك لتكون موضع راحة رأسه في قبره وشاهدا على انه نافح عن تخوم الامة يوم اهانها الاخرون وتركوها -كما هم الان - نعم سيف الدولة هذا كان يصطحب معه جمالا محملة بالكتب ليقرا ويزداد معرفة، وهذا دليل على انه من معركة الا ليخوض اخرى.
سيف الدولة استغنى عن حمولة الجمال بكتاب الاغاني هذا، لكنه لم يستغن عن الكفاح والنضال، ولم ينشغل بليال حمراء او صفراء (قعد الناس كلهم عن مساعيك وقامت بها القنا والنصول).
واليوم على خطا الاغاني منغمسون في كل ملاهي الاصوات، نشازا غير نشاز. لاشيء يثير انتباهنا الا ان نسمع بمطربة هنا وهناك، وشخلعة في هذا البرنامج او ذاك، بدلا من تكون البرامج عامل ثقافة وبوح وابداع ورقي وجمال تتحول الى هدر طاقات وهرطقات لا معنى لها.
طلبة سوريين يحققون مراتب عليا في مسابقات عالمية ترفع العلم السوري واسم الوطن عاليا، ولانجد من يهتم بها كثيرا اعني ممن يفتحون صفحات الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، احداث ووقائع علمية هامة ومحطات اكثر رقيا واهمية لا تلفت انتباهكم، ولكنكم غارقون فيما يمزق ويفرق، بغض النظر عن أي برنامج كان، وتحت أي مسمى.
غرق العرب في العصر العباسي بليال الطرب واللهو والخمر والمجون واحتل الغلمان والجواري المكانة التي خطط لهم ان يصلوها وانحلت الامبراطورية العربية.
وتجربة الاندلس وترفها ليست ببعيدة عنا ابدا وشوامخ قصورها التي تحولت الى ملاه ذات يوم ايضا اخرجتهم من جنة كانوا يرونها السحر والعطاء.
وهل نحن اليوم بعيدون عن ذلك ؟ برامج معروفة الى اين تقود والى اين تصل بنا ومع ذلك، لنقل: انها فرصة لاكتشاف المواهب، وليكن الامر اكتشاف مواهب، لاالذهاب الى تفاصيل الخراب.
بكل الاحوال اظن ا ن ابا الفرج الاصفهاني لو كان بيننا الان لالقى كتابه في اتون نارمستعرة، ولردد معه المتنبي:
ما الذي عنده تدار المنايا
كالذي عنده تدار الشمول
وسوى الروم خلف ظهرك
روم فعلى أي جانبيك تميل
هنا على ارضنا تدار الحياة ونصنع الغد وصوت اغنية تدندنها ام في وداع شهيدها هي الانقى وعلم بيد طفلة مرفوع هو الامل.
d.hasan09@gmail.com