| أنانيـــة الغـرب على الملأ حجم تدفق المساعدات كان أقل بمقدار 20 مليار دولار من الهدف الذي تم تحديده سنة 2005، وهذه واحدة من المفارقات التي تظهرها التقارير الأممية التي تشير أيضاً إلى أن الدول الأكثر فقراً هي بحاجة إلى معونات عاجلة خلال العامين القادمين تقدر ب 300 ملياردولار . لاشك أنها أرقام فلكية ، فهل يمكن كسرها أو تحقيقها بتعليق الآمال على مجموعة العشرين أو مجموعة الثماني ؟؟ ربما يعقد البعض آمالاً على الغرب ومساعداته لكن الوقائع تقول قولاً آخر يلاقي صدى كلمات أنجيلا ميركل التي أطلقتها عشية تفجر أزمة الغذاء العالمية العام الماضي في الإعلان ليس عن العجز وإنما عن النظرة الفوقية التي تكشف بدورها أنانية المجتمع الغربي. «إن اعتياد شعوب آسيوية في الهند والصين وغيرهما على تناول كوب من الحليب صباحاً من شأنه أن يقلص حصة الشعوب الأوروبية من الغذاء .... وعليهم أن يقلعوا عن هذه العادة» تقول ميركل !! وبعد .. هناك من ينتظر من الدول الصناعية أن تفي بالتزاماتها من أجل تحسين إنتاج الغذاء العالمي!! الأمم المتحدة أيضاً تطرح في تقرير آخر لها مفارقة تعزز هذا الاعتقاد عندما تؤكد أنه يمكن بالتقنيات المتاحة أن يتم توفير الغذاء لما يعادل 12 مليار إنسان لكنها تقول: نحن اليوم ستة مليارات ومع ذلك هناك 800 مليون إنسان يعانون الجوع؟! لماذا.. لأن الدول الصناعية لا تكتفي بالتقاعس عن أداء دورها في تحقيق التنمية وصيانة الأمن الغذائي العالمي، وإنما تعبث مع الطبيعة وتتسبب في خلق أزمات متجددة تتدهور معها موارد الطبيعة، ثم تتقاعس ثانية عن الالتزام بدورها في معالجة هذه الأزمات. الاحتباس الحراري (الدفيئة) وتصحر مئة مليون هكتار سنوياً وتراجع الموارد المائية والإفراط في استخدام الأسمدة والكيماويات واستنزاف النفط ومصادر الطاقة أليست عوامل وظواهر من نتاج المجتمع الصناعي الغربي تدفع أثمانها الدول الفقيرة والنامية؟! هذه الدول تقف اليوم أمام تحديات كبيرة عليها أن تواجهها بالاعتماد على الذات والعودة إلى الطبيعة وجعل الاستثمار الزراعي أولوية تتقدم على سواها من الأولويات لتوفير الحبوب والغذاء الذي يعد أحد أهم مقومات الاستقلال الوطني، وأحد أهم عوامل النهوض والتنمية، على أن ذلك لا يسقط عنها واجب التعاون والتضامن لممارسة أقصى الضغوط الممكنة على الدول الصناعية عبر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحملها على أداء واجبها والوفاء بالتزاماتها القانونية والمادية وتقليص حجم نشاطاتها التي تضر بالبيئة والموارد الطبيعية. ali.na-66@yahoo.com
|
|