تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وإلى بياضٍ آخر

رسم بالكلمات
الأثنين 18-6-2012م
سوزان ابراهيم

منذ قرابة أربع سنوات أشرف على صفحة (رسم بالكلمات) التي تعنى بأدب الجيل الجديد, وقد اتخذتُ لها اسماً من ديوانٍ لنزار قباني (الرسم بالكلمات) تيمناً بالتماس ذائقة وحساسية شعرية جديدة, تخرج عن الرتل الشعري التقليدي, وعن مدارس الآباء الشعريين السابقين.

القصيدة كائن حي يتطور, وعليه, كما على الأفعى, وكلما ضاق القميص عليها, أن تشقه لترتدي قميصاً يناسب نموها.‏

بدأت الصفحة نصف شهرية, إلى أن تلمّسَ خطوطَها العريضة أبناءُ الجيل الشعري الجديد في سورية, وعلى كامل البقعة الجغرافية السورية. جاءت ولادة الصفحة لتقف إلى جانب الأصوات الجديدة المحرومة عامة من مساحات الضوء الإعلامي في الدوريات والصحف السورية. كان الشعر الجميل, والحساسية الجديدة, واللغة الجديدة هي معايير النشر في الصفحة, ولا أنسى بالطبع القصة القصيرة, فما ينطبق على الشعر ينطبق على القصة.‏

حاولت خلال فترة معينة, الاستعانة بناقد له باع في هذا المجال, فكانت النصوص المنشورة تترافق مع قراءة نقدية لها. أثار النقد حفيظة بعض أبناء الجيل الجديد المتحمس, المندفع, الخارج على سلطة الأب الإبداعي والنقدي, ورغم أن ذلك أثار جولات من النقد والرد عليه, ما أشعل نشاطاً ثقافياً مفقوداً, إلا أنني استسلمت لمطالب روّاد الصفحة بإلغاء القراءات النقدية, ويبدو أن جسر الثقة بين النقد والأدباء لم يُبنَ بعد.‏

اكتشفت الصفحة أسماء هامة, أو لأقل: إن البياض المتاح فيها, أظهر إمكاناتٍ أدبية هامة لدى أبناء الجيل الجديد, ما أشعرني بالفخر والحماسة للمتابعة, رغم إحباطات متكررة ولأسباب على صغرها وثانويتها, لكن تراكمها جعلني أفكر مراتٍ بالابتعاد عن إدارة الصفحة. تفوق عدد الذكور على عدد النساء في الشعر, بينما كانت الغلبة للنساء في القصة القصيرة, وهذه ليست إحصاءات, بل مؤشرات ينبغي أن تستحث همم النقاد. لو أن الحركة النقدية رافقت هذا الجيل لاستخلصت أسباباً عدة لما يجري الآن في الواقع.‏

أثرتُ في الزوايا التي كنت أكتبها في الصفحة عدة قضايا تهم الأدب الجديد, لكن معظم الأدباء لم يكونوا على مستوى الآمال, فينتهي همّ بعضهم عند نشر القصيدة أو القصة, دون محاولة المشاركة في النقاش وإثارة ما يغني ويفيد.‏

للأسف لم يتمكن أبناء الجيل الأدبي الجديد من النأي بأنفسهم عن أمراض الثقافة المتوارثة, وهذا أمر طبيعي, فنحن, وهُمْ أبناء الواقع, رغم زعمنا بالتطلع إلى حالة الحلم وبناء ما هو جديد.‏

بالنسبة لي هي تجربة هامة, وأعتقد أنها ستكون يوماً ما مرجعاً لمن يرغب بدراسة الأجيال الجديدة في الأدب السوري.‏

ولأن الصفحة استنفدت أسباب وجودها في المرحلة الماضية, سيعلن ناطور المحطات توقفها الآن لتجديد الهمة على أمل أن ينطلق قطار آخر, في زمن قريب آخر, وبياض آخر.‏

شكراً لكل من ساهم في إغناء هذه التجربة وتعميقها, ولكل من وشى بياضها بحبر الأدب, كما أشكر الزميل أديب مخزوم الذي دعم الصفحة بكل هذه اللوحات الرائعة لكبار الفنانين التشكيليين السوريين.‏

Suzan_ib@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 سوزان ابراهيم
سوزان ابراهيم

القراءات: 1480
القراءات: 1415
القراءات: 1644
القراءات: 1559
القراءات: 1636
القراءات: 2032
القراءات: 1446
القراءات: 1567
القراءات: 1543
القراءات: 1613
القراءات: 1541
القراءات: 1659
القراءات: 1611
القراءات: 1555
القراءات: 1619
القراءات: 1656
القراءات: 1629
القراءات: 1668
القراءات: 1666
القراءات: 1615
القراءات: 1639
القراءات: 1680
القراءات: 1697
القراءات: 1709
القراءات: 1662

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية