فالأخيرة قد وجدت أصلاً لتراقب الأداء التنفيذي وتحد من تجاوزه للصلاحيات المنصوص عليها قانوناً، إضافة إلى التوجيه والتوعية الهادفة إلى منع وقوع الأخطاء قبل حدوثها. وبهذا تغدو قرارات وتوصيات الجهات الرقابية والوصائية واجبة التنفيذ وفقاً لجوهر هذه العلاقة، وهنا قد يذهب البعض إلى القول إن القرارات التفتيشية وتوصيات لجان التحقيق إنما تدخل في ميدان الاستئناس فقط، على حين يبقى الالتزام بمضامينها خياراً أمام رأس المؤسسة التنفيذية يأخذ به أو يتجاهل محتوياته وفقاً لرؤيته، بما ينسجم مع مصلحة العمل.
وبغض النظر عن الاتجاهين فإن هناك أنواعاً من القضايا والمشكلات التي لا تحتمل تأويلاً أو تفسيراً فضلاً عن أنها تحمل في طياتها تحقيقاً للمصلحة العامة، ورفع الظلم عن البعض وإعادة حقوقهم لهم. كما الحال في قضية عدد من العاملين في الثانوية الزراعية والبيطرية في دير الزور الذين تم فصلهم وإلغاء عقودهم مع بداية العام الماضي، إذ لم يتم تجديد عقودهم علماً بأن الثانوية بحاجة لخدماتهم نظراً لقيامهم بأعمال محددة، وهناك قرارات تقتضي تعيين بعضهم التزاماً من الحكومة بتعليمهم الفني، كما الحال مع الخريجين البيطريين الصادر بحقهم قرار بتعينهم بصورة مؤقتة ريثما يتم تثبتهم..
واللافت أن صدور قرار صريح من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بإعادة الذين تم فصلهم ولم يتم تنفيذه تفادياً لمواجهتهم لعوز الحاجة والفقر بداية، ولكون تعيينهم أصلاً تم من خلال مكاتب التشغيل، أو وفق طريقة استخدام ذوي الاعاقات الذين لا يجوز إعفاء عقودهم.
وتبقى الحالة معلقة في مهب الريح تتقاذفها الاجتهادات المتناقضة، فيما تظهر حقوق هؤلاء المفصولين جلية واضحة، دون أن تجد حلاً، بينما يجوب المفصولون مكاتب مديري الإدارات والرقابة والشؤون الإدارية يحملون حاجتهم المصطدمة بضبابية القرار.