وودعته على وقع تخصيص المزيد من الأموال للأعمال الاستيطانية في المستوطنات القائمة.
وهو استقبال إسرائيلي لم يكن الأول ولن يكون الأخير، فحكومة نتنياهو تعمدت أن تمارس مثل هذه العربدة في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من صعيد، وتحديدا فيما يخص الاستمرار بالاستيطان ليكون البند الأكثر سخونة في نقاشات الإسرائيليين مع المبعوث الأميركي.
نقاش كان الحديث عنه قد سبق الزيارة، ولا يبدو أنه سينتهي مع انتهائها، بل سيظل البقعة المشتعلة التي تريد إسرائيل أن تبقى نقطة الجذب في أي حديث، فيما السلام يستدرج إلى خارج دائرة الاهتمام السياسي إلى حين أخر.
فمنذ اللحظة التي بدأ بها ميتشل مهمته والحديث عن الاستيطان يكاد يشغل الحيز الأهم من كل الجهد الدولي، وتحول إلى كرة ثلج كلما تدحرجت كبرت، وكلما قذفتها الأرجل تلقفتها الأيدي الإسرائيلية لتزيد من مساحة تدحرجها، ولتضيف إلى المشهد الكثير من الإثارة لدرجة أنها أضحت العنوان الأهم للتحركات الأميركية.
ومن صيغة الاشتباك الأول الذي روج له إسرائيليا مع زيارة نتنياهو الأولى إلى واشنطن إلى مفهوم الصدام الأميركي مع الطروحات الإسرائيلية تبدو اللعبة إدارة للوقت وتوظيفا متقنا لتفاصيل خلاف لا تبدو عليه ملامح الجدية، ولا تأخذ المقاربات التي قدمت جميعها أكثر من سيناريو تتوازع أدواره مقتضيات اللعبة واحتياجاتها السياسية.
وحتى الأفكار التي قدمت حتى الآن تأخذ منحى الافتراض الزمني الذي يفتقد في الغالب لإرادة السلام مما يفقدها أهلية الفصل بين الجوهري والثانوي، ويدفعها في أحيان كثيرة للخلط بين الأولويات بتراتبية إلحاحها.
ومع غياب الإرادة الناضجة أميركيا، لم يكن مشهد الاستقبال الإسرائيلي لميتشل مجرد رسالة تخفي في سطورها أكثر مما تظهر، مثلما أن التحضير لزياراته المتتالية لن يكون فقط في الإعلان عن المزيد من المستوطنات، وهي قد بدأت منذ الآن عبر تسريبات البحث في الثمن الذي تريده مقابل التفكير في وقف الاستيطان، خاصة أن الأميركيين لا يخفون حماسهم لذلك، ولا إشاراتهم العلنية والمخفية حياله. وهو ما يترك أكثر من علامة استفهام وملامح عجز في الأداء الأميركي حيال السلام ومتطلباته !!! أشهر والدوران في الحلقة المفرغة ذاته، يكرر نفسه، ويجتر في أحيان كثيرة المفردة ذاتها.