سياسية وعملانية، تتعلق الأولى بمُحاولة تحقيق جزء من أوهام العدوان المتواصل منذ 2011، فيما تَنطوي الثانية على وهم النجاح بمُحاولة إحلال احتلال محل احتلال!.
القوات الأميركية المُحتلة تُغادر قواعدها، تُفكك مراكزها، تُدمر مقراتها، وتُخلي نقاط انتشارها، وتَمسح آثارها بإحراق كل شيء، وتَنسحب باتجاه غرب العراق، ومعها نساء وأسر وقيادات الدواعش! لماذا؟ هذا مَحل بحث مُنفصل، لسنا بصدده حالياً.
تَزامنُ ما تَقدّم مع بدء العدوان التركي ليس عَبثاً ولم يَجر بالمُصادفة، وإنما جَرى بالاتفاق بين واشنطن وأنقرة، والغاية التي صارت جليّة واضحة هي (إحلال الاحتلال التركي محل الأميركي) و(إحلال فصائل الحُثالات الأخوانية محل الميليشيات الانفصالية)، بهدف التلاعب بديمغرافية المنطقة، وللإبقاء على نارها مُشتعلة لا تَعرف سبيلاً إلى الأمن والاستقرار، ولمُمارسة الضغط على دمشق وحلفائها.
وقاحةُ تصريحات اللص أردوغان والمسؤولين في نظامه تَكشف كل يوم عن تَفصيل جديد في مُخطط العدوان، بَدءاً من توزيع الأدوار مع واشنطن وبقية أطراف العدوان، وصولاً إلى تَنويع وتَحديث غاياته بما لا يستهدف سورية فقط وإنما العراق الشقيق أيضاً، وامتداداً بالاستهداف إلى إيران ولبنان.
نعم، العدوان التركي يُمثل الخطة البديلة التي تلجأ منظومة العدوان لتنفيذها في ربع الساعة الأخير، لعلها تُعوض شيئاً من فشل، أو تُخفف من ثقل الهزيمة، وإنّ الضجيج الذي تُثيره قوى العدوان، يُضاف له عمليات التضليل ومُحاولة خلط الأوراق بتَجديد عناوين الاستهداف، تُشكل بمجموعها الدليل الذي يَعكس الخَشية من الإخفاق، إذ لا الوقت يَسمح بالانتقال لحالة أخرى من بعد الفشل، ولا الوضع يَسمح بطرح مُخططات أخرى!.
والحال كذلك، فإننا قبل أن نُكرر على مَسامع العالم من أن حزاماً أو منطقة آمنة لا مكان لهما في سورية، سنقول: ليس هناك قوّة على الأرض تَمتلك قدرة إقامتهما أو أحدهما، وقد جعلت سورية من الثقل الأميركي الذي وضعته واشنطن لإقامة مِثلهما في المنطقة الجنوبية يُساوي الصفر، فما المَصير الذي سيُواجهه اللص سوى الرحيل القَسري بالنتيجة الصفرية ذاتها؟.
دخول الجيش العربي السوري البطل إلى المنطقة، تَثبيت مَواقعه هناك بالسرعة التي تَحرك بها، بالقُدرة التي أَظهرها، وبالكفاءة التي تَميّز بها، هي حركاتٌ واثقة، وحدها ما جعلت اللص وترامب يَستشعران - مع بقية مُكونات معسكر العدوان - الفشل بإحلال احتلال محل احتلال وحُثالة محل مِيليشيا.
مرّة جديدة، وأخيرة، سنُؤكد لقوى البَغي الصهيوأميركية بامتداداتها الوهابية الخليجية والأخوانية العثمانية، أن سورية ستبقى مُوحدة مُستقلة، قلعة للمقاومة، وحصن للأمة، كما قَهرت دول العدوان بإسقاط مشاريعها ودحر أذرعها، ستَتعاطى مع العدوان التركي بما لا يَتوقف عند حدود رده على أعقابه، وإنما بإخراج اللص من الحياة السياسية.