وتأتي تصريحات أوباما وكيري الأخيرة حول خطر «داعش» على العراق والمنطقة ، وحول هزلية «المعارضة السورية» التي صنّعتها أميركا، ووصفُ الرئيس الأميركي وجودها والحديثُ عنها بأنّه «فانتازيا»، ليتأكد للقاصي والداني الحماقة المتأصّلة بهذه الإدارة ولتتبدى زئبقية سياساتها وعبثية وعدوانية مخططاتها.
منذ الأسابيع الأولى لبدء الأحداث التخريبية والدموية الإرهابية ظهرت بوضوح شديد عناوين المؤامرة الكونية ضد سورية ؛ وكان واضحاً منذ ذلك الحين أنّ العالم مقبلٌ على فصل جديد في العلاقات الدولية لا مكان فيه للقانون ولا للمبادئ ولا للقيم الأخلاقية، وكان واضحاً أيضاً أن الولايات المتحدة التي استسهلت لعبة تغيير الأنظمة عن طريق الثورات الملوّنة التي تسدد تكاليفها دول البترودولار تورّمت كثيراً واعتقدت واهمة أنّها باتت قريبة جداً من تحقيق أحلامها بالسيطرة على العالم.
ومع مرور الوقت الذي ملأته واشنطن والغرب الملتحق بها وباقي الأدوات الإقليمية والدولية بموجات من الكذب والفبركات، كان الكثيرون يعتقدون أنّ كلّ المخططات الاستعمارية الشيطانية وجميع مشاريع التقسيم ستتحقق أو باتت قاب قوسين أو أدنى من التحقق؛ ولم يكن من أحد يتوقع الصّمود الأسطوري الذي أظهرته سورية بشعبها وجيشها وقيادتها ؛ والذي ظهرت نتائجه سريعاً في غير اتجاه ومكان، ما فتح آفاقاً رحبةً ومجالات واسعة لظهور حركة دولية ارتدادية كان من شأنها كسر التحالفات الشريرة التي قامت بين أميركا والغرب والصهيونية من جهة، وبين الأعراب والتنظيمات الإسلاموية المتطرفة من الجهة الأخرى، وبالتالي أمكن لسورية وحلفائها تعطيل ما دُبّر في ليل للمنطقة والعالم.
إنّ ما يجري في العراق الشقيق، و ما شهده من أحداث متسارعة خلال الأسابيع القليلة الماضية يدل دلالة قاطعة على تكسّر المشروع الأميركي - الصهيوني - الغربي - الوهابي في المنطقة وعلى زئبقيّة وعبثية سياسات واشنطن التي لم تجد حرجاً بإظهار تكويعة غير متوقعة باتجاه العراق بعد الفشل في سورية، وبدعوة أعداء سورية ذاتهم الى الاصطفاف خلفها لإسقاط بغداد بالإرهاب الذي تدعمه داعشياً كان أم وهابياً أم اخوانياً، وبالتملص من بنود الاتفاقية الأمنية الموقّعة مع العراق والتي توجب عليها مساندته في مواجهة خطر الإرهاب والتطرف.
وإنّ وصفَ أوباما الحديث عن «المعارضة السورية» بالفانتازيا بعد أن دعمها وتبنّاها بكل أذرعها وتنظيماتها الإرهابية وبعد أن نعتَها بالمعارضة الديمقراطية طيلة ثلاث سنوات؛ وبعد أن منحَها صفة التمثيل السياسي والدبلوماسي، يُظهرُ مديات النفاق والتخبّط والفشل والعجز لدى إدارته ، ويطرحُ أسئلةً لا تنتهي حول الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة لجهة تدمير الاستقرار الدولي ولناحية نسف أسس التعاون والسلام العالمي، وحول عجز النظام الأممي عن محاسبتها ؛ وحول الزمن الذي سيستهلكه قبل أن يتمكّن من وضع حد لها ولزئبقيتها وازدواجيتها؟!.