نحن في سورية ليس لدينا أيّ أوهام من أننا مع الدول الحليفة والصديقة سنخرج من مؤتمر الحوار السوري المُرتقب انعقاده في سوتشي بحل جذري يضع نهاية للحرب والهجمة الشرسة على وطننا.
لكن، إذا كُنّا مُتحررين من وهم أنّ سوتشي لن يكون العصا السحرية التي ستصنع الحل، إلّا أننا نُؤمن بأن اجتماع السوريين على إرادة الحوار هناك - وعلى طريق استكماله في دمشق - ينبغي أن تنتصر في نهاية المطاف، ويجب العمل على هذا الأساس لا لإنجاح المؤتمر فقط بوصفه خطوة مُهمة تُؤسس لما بعدها، بل لمُواجهة كل الطروحات الأخرى وإسقاطها، وآخرها الورقة الأميركية التي جرى إحراقها في فيينا.
نُدرك أنّ أطراف العدوان ومنظومته التي تقودها أميركا لن تستسلم للهزيمة بسهولة، ونعلم أنّ مسلسل الأعمال القذرة الذي تُنتجه لم ينته بعد، وأنّ ثمة مشاهد وحلقات أخرى فيه مازالت تحظى باهتمام ورعاية واشنطن التي تُكرس لها كل وقتها، غير أن من أحبط المخططات والمخططات البديلة خلال سنوات العدوان لن يعجز عن إحباط ما تبقى منها.
ومن تغلّب على قوى الشر وأذرعها الإرهابية ودحرها رغم الصعوبات والتعقيدات غير المسبوقة التي رافقت مراحل الهجمة والعدوان، لن يُوقف مُلاحقة الهدف قبل تحقيقه وإنجازه كاملاً غير منقوص، وسيكون مُلتبساً وواهماً كل من يعتقد أن سورية ضَعُفت لمستوى أنه لم يعد بمقدورها مواجهة محاولات تقويض أمنها واستقرارها.
ستُحاول الولايات المتحدة إفشال مؤتمر سوتشي، وقد بدأت بذلك حتى قبل أن ينعقد، وإلّا فما معنى اجتماع فيينا قُبيل انعقاده؟ وما مُبرر طرح ما سُمي الورقة غير الرسمية هناك؟ وما معنى إعادة النفخ بكذبة الكيماوي؟ ولماذا اجتماع باريس في هذا التوقيت؟ وما دوافع تشكيل ما يُسمى الإدارات المحلية والميليشيات الجديدة هنا وهناك؟ ولماذا تجتر بقصة المنطقة الآمنة في الشمال؟.
لا شك أنّ مُحاولات العدوان والتعطيل الأميركية ستستمر وتتواصل، إلا أنّ سورية لن تدعها تمر، ومع حلفائها لن تكتفي بإحباط هذه المحاولات وكسرها، بل ستتقدم بخطوات نوعية أخرى في السياسة بإنجاح سوتشي والبناء على مُخرجاته، وفي الميدان دحراً لبقايا تنظيم داعش الإرهابي والذراع الأميركي الآخر تنظيم جبهة النصرة والميليشيات الإرهابية الجديدة .. وغداً سيكون هناك حديث آخر بعد محطة سوتشي التي ما بعدها ربما لا يشبه ما قبلها.