تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السؤال الصعب

إضاءات
الإثنين 11-6-2012
د.خلف علي المفتاح

إذا كان من فائدة تحققت من امتداد زمن الأزمة في سورية على الرغم من فداحة الثمن الذي دفعه الشعب السوري فهي انكشاف كل الأوراق في اللعبة الدولية التي حاول بعض اطرافها اتخاذ البعد المطلبي في بداية الأحداث غطاء لتنفيذ أجندة سياسية اشتغل عليها لعدة عقود

عبر وسائل وطرق واستراتيجيات إقليمية ودولية، وكان مصيرها الفشل وانعدام حاصلها السياسي، وبالمقاربة العملية يمكننا القول إن ثمة قناعة تشكلت لدى جميع أطراف الأزمة من مؤيدين ومعارضين إضافة لمن هم على موقف الحياد أو الترقب مؤداها أن المعارضة الخارجية ومن يحتضنها من قوى إقليمية ودولية تستهدف النظام السياسي في سورية بكامل حوامله وبنيته وخطابه وسلوكه السياسي وهويته العروبية المقاومة، وتعمل على إسقاطه وتالياً حرف بوصلته الداخلية والخارجية، وبالمقابل يدافع النظام  السياسي  بمكوناته وقاعدته الشعبية ومنظومته الاستراتيجية واستطالاته الإقليمية والدولية عن وجوده وكيانيته الوطنية وهويته السياسية انطلاقاً من شرعيته الدستورية واستناده إلى حاضنه الشعبي والوطني وما حققه من إنجازات عبر مسار امتد واستمر لخمسة عقود،‏

الأمر الآخر الذي خلصت إليه أطراف الأزمة أن مقولة الإصلاح التي تم تسويقها في بداية الأحداث كمطلب ثبت أنها أزعومة بدليل أن وتيرة العنف كانت ترتفع مع تصاعد الخط البياني لمسار الإصلاح الشامل والبنيوي الذي انتهجته القيادة السورية كأحد الخيارات في التعاطي مع مندرجاتها.‏

والحال يبدو المشهد السوري راهناً ذا بنية مركبة يتقاطع فيها المحلي بالإقليمي والدولي، وفي إطار عناصر القوة يمكن للملاحظ السياسي أن يستشف أن ضعف المعارضة الخارجية في إطار حيزها الاجتماعي في الداخل تحاول تعويضه بفائض القوة الخارجي بهدف خلق توازن في معادلة القوة بين أطراف الأزمة ومحاولة امتلاك أكثر من ورقة في بازار سياسي تفترضه مراهنة على تبدل جوهري في المواقف الدولية يغير في قواعد اللعبة ولصالحها ولا شك أن تضخيمها سياسياً وإعلامياً والاشتغال  على معطى شيطنة النظام وإظهاره بحالة ضعف وانهيار تدريجي وإيهامها بذلك جعلها تعيش حالة من حالات العصاب السياسي والشعور بالقوة وما جعلها تستغرق في دوامة العنف والقتل والعسكرة ورفض الانخراط في أي عملية سياسية تشكل مخرجاً آمناً من الأزمة إلى درجة أنها عملت على إفشال أي مبادرة سياسية إقليمية أو دولية للحل ولعل أقربها مبادرة كوفي عنان بنقاطها الست.‏

الآن وبعد مرور أكثر من خمسة عشر شهراً على الأزمة السورية وبجردة حساب سياسي من المهم لقوى المعارضة أن تطرح السؤال التالي ترى هل ربحت سياسياً ومجتمعياً واستطاعت تحقيق هدفها المتمثل بالوصول إلى السلطة عبر استخدام العنف والاستقواء بالقوى الخارجية وممارسة الضغط على سورية ومحاولة استنزافها اقتصادياً وانهاكها عسكرياً ومجتمعياً، ومن المستفيد الأكبر من‏

ذلك أليس هو الكيان الصهيوني والقوى المعادية تاريخياً لسورية وشعبها وللعرب عموماً، ثم هل سدت كل السبل السياسية وأشكال الحوار الديمقراطي للوصول إلى دولة أكثر مدنية وتشاركية ودمقرطة حتى يتم اللجوء إلى خيار القوة والعنف والعسكرة واستحضار الخارج وإدخاله في مسألة داخلية ليكون عامل تصعيد وتوتير وتعقيد لا اجتراح حلول إذا افترضنا جدلاً حسن النيات وهو ما لا يمكن تصديقه أو قبوله بالمنطقين السياسي والتاريخي والمصلحي؟‏

باعتقادنا بات الجميع يدرك أبعاد وتعقيدات الأزمة السورية ويضعها في إطار الصراع والتنافس الدولي على الإقليم في إطار لعبة الأمم والتحكم بمستقبل البشرية بالسيطرة على خزانها الاقتصادي ومصادر الطاقة فيها  وهو ما يحدد إلى مدى بعيد خطوط الطول والعرض في خرائطه السياسية. وهنا تصبح الأزمة أكبر من أزمة سورية وإنما أزمة دولية، وهو ما يفسر  كل هذا الكباش الدولي الدائر  حولها والدخول في حيثياتها إدراكاً من تلك الدول بانعكاس وارتدادات الزلزال السوري إن حدث على أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية.‏

إن نظرة بعيون قارئ استراتيجي للأحداث في المنطقة ومنها الأزمة السورية تنبئ أن المنطقة تتجه نحو تسويات قد لا تعجب اللاعبين الإقليميين ومن راهن عليهم أو وقع في خدعهم، وهنا تصبح الفرصة متاحة لإعادة النظر بالمواقف وأساليب العمل والاتجاه نحو خطاب ونهج تصالحي عقلاني يستبعد اصحاب الرؤوس الحامية والحسابات الضيقة عندها تصبح المصالح الوطنية وأمن الأوطان واستقرارها فوق كل الاعتبارات ويتوافر مناخ مثالي لمساحة من المسامحة تتحدد سقوفها باتساع أفق المتعالين على الجراح؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11191
القراءات: 999
القراءات: 754
القراءات: 900
القراءات: 778
القراءات: 850
القراءات: 862
القراءات: 826
القراءات: 891
القراءات: 835
القراءات: 837
القراءات: 824
القراءات: 847
القراءات: 884
القراءات: 919
القراءات: 901
القراءات: 972
القراءات: 963
القراءات: 908
القراءات: 962
القراءات: 892
القراءات: 927
القراءات: 954
القراءات: 987
القراءات: 1141
القراءات: 1137

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية