ربما كانت «الحكاية» أول وسيلة إعلامية عرفها البشر, وهكذا تداول الناس الحكايات, ومن زمن إلى زمن, ومن ناس إلى ناس, كبرت الحكاية وزيدت وطالت فكان الجميع صنّاعها الذين بنوا ونسجوا حول نواة قديمة قيلت ولم تتوقف عن النمو.
في مجتمع كهذا مولع بتناقل الأخبار والحكايات شفاهياً- أعتقد أن هذا أحد أسباب تدني نسبة ساعات القراءة- وجدت وسائل الإعلام الجديدة مرتعاً خصباً اقتحمته عبر الصورة والكلام المسموع.
لم تعد وظيفة وسائل الإعلام تقتصر على علاقة بين مرسِلٍ ومستقبِل, بل عمدت من خلال البرامج الحوارية التفاعلية والمباشرة ونظام النقل والتعليق- كما يقول الدكتور محمد جمال باروت- إلى تكوين الرأي العام وتوجيهه وتعبئته, بينما كانت وظيفتها تقتضي التعبير عن الرأي العام لا صناعته. في مجتمع الثقافة الشفاهية جاءت البرامج الحوارية التفاعلية لتقوم بما تعجز عنه أطنان الكتب والمقالات.
لهذا ربما دارت وتدور هذه الحرب الإعلامية بين أطرافها المعروفة, على الاستحواذ على الشارع بتجريعه وجبات حوارية ونقل مباشر من هنا وهناك في اللحظة الساخنة للحدث. هنا ربما يكمن التحدي الذي يواجه وسائل إعلامنا المحلية الوطنية المرئية والمسموعة!
إنها الحرب الفضائية المتجسدة في إرسال صورة وصوت يمهدان لحقيقة مرادة, تختلف أو تخالف واقع الأرض بهذه النسبة أو تلك... فهل يكون إيقاف بث الفضائيات السورية مرحلة انتقال مبهر في يوميات الديمقراطية والحرية الإعلامية؟!
هل ضاق الفضاء عن استيعاب صورة أخرى وصوت آخر؟! إن كنت موالياً أو معارضاً أعتقد أن قراراً كذلك لا يعكس أبداً فحوى شعارات المطالبة بالحرية والديمقراطية... هذا فضاء يتسع للجميع ولكائنات قادمة نعرفها ولا نعرفها... فأي حكمة خرقاء لعبت برؤوس صنّاع القرار الذي يفضح ولا يبرر!
suzan_ib@yahoo.com