وإذا كان الاحتفال في سورية قد اقتصر على يوم واحد أقامه البرنامج الوطني للجودة برعاية وزارة الصناعة، فإن هذا يطرح أسئلة كثيرة عن غياب باقي مؤسسات الدولة عن هذه المناسبة لنعرف أين وصلت وما هي إنجازاتها على الأرض وما مدى زيادة الوعي بأساليب الجودة لإحداث تغييرات ملموسة ومحسوسة في حياة الناس لأنهم في النهاية هم المعيار للنجاح والفشل.
فهل يرضى المواطن عما تقوم به المؤسسات الحكومية اليوم خصوصا في ظل تقنيات حديثة لا تخطئ وتسهل العمل والسرعة وتعطي صورة حضارية رائعة عن الجهة التي تنفذها؟
ونطرح هنا براءة وعلى ضوء ما نشاهده من خدمات راقية في مؤسسات الاتصالات الخلوية والبنوك والمصارف والتأمين وغيرها..هل يمكن أن يطبق ذلك على المؤسسات الرسمية حيث سرعة الإنجاز وتنظيم العمل والدور واحترام الناس والصدق والشفافية معهم.
لا نريد التقليل من دور مؤسسات الدولة أو إلغائها أو خصخصتها إنما نريد فقط لفت النظر بين إدارة تعتمد معايير الجودة وإدارة تسير بطرق بدائية وروتينية قاتلة.
وبديهي أن الجودة تحتل أهمية متميزة في الفلسفة الإدارية المعاصرة مما يتطلب من الإدارات الحكومية تبني رؤية وفلسفة شمولية قادرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، وزيادة قدراتهم الذاتية في التكيف والمواءمة مع التغيرات الحاسمة والمتسارعة في بيئة تنافسية.
كذلك فإن تنامي الوعي لدى المواطنين أدى إلى المطالبة بمستويات خدمة عالية وهذه المطالبة تزداد يوما بعد يوم مما يستدعي تحسين وتطوير أساليب العمل الحكومي والارتقاء به في كل مفاصله.
وبالطبع الجودة في المؤسسات الرسمية لا تأتي بين ليلة وضحاها ولا بمجرد تصريحات وكلام معسول لرأس الهرم فيها ,إنما تحتاج إلى الإرادة والعمل وفق معايير علمية يلمسها كل إنسان لتخلق الرضا والانطباع الحسن لصورة المؤسسة كلها.
ونقطة أخرى نشير إليها هنا وهي أن تطبيق الجودة الشاملة يؤدي إلى رفع معنويات الموظفين داخل المؤسسة وتتحسن اتجاهاتهم وولائهم للعمل وبالتالي زيادة إنتاجيتهم وتحفيزهم وتشجيعهم على اتخاذ القرارات داخل المؤسسة الحكومية بشكل فعال.
فهل نعيد تفعيل أجهزة الجودة من مديريات ودوائر داخل المؤسسات الحكومية أم أنها ستبقى على حالها ديكورات خلبية وفرص عمل للكسالى على غرار دوائر ومديريات التخطيط التي بدورها آخر من يعمل ويتخذ قرار..؟!