تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الســـــــوريون والمنتج الوطني..!

إضاءات
الاثنين 27-1-2014
د.خلف علي المفتاح

منذ ما قبل وبعد الاستقلال رفض السوريون ساسة ومواطنين أي تدخل خارجي في شأنهم الداخلي أو في بنية وهوية مؤسساتهم السيادية. وعلى الرغم من الدور الذي لعبته السفارات الخارجية في تشكيل حكومات وإسقاطها في منطقتنا إلا أن سورية بقيت عصية إلى حد بعيد عن ذلك

على الرغم من استعمال كل أدوات الضغط أو الترغيب والترهيب التي كانت سائدة آنذاك وإذا كان النجاح قد حالف بيرسي كوكس وغلوب باشا وغيرهما في رسم خرائط سياسية وتنصيب حكام في مناطق أخرى إلا أن سورية حافظت على قرارها واستقلالها التام والناجز، وما كان شعبها قط يقبل أو يتقبل منتجاً سياسياً خارج عروبتها وهويتها الوطنية وإرادة أبنائها الحرة المستقلة ولعل هذا أحد أهم الأسباب التي جلبت لشعبها وقياداتها التاريخية الكثير من العداوات واشكال الاستهداف.‏

اليوم وبعد أكثر من ستة عقود على الاستقلال الناجز لسورية وفي اتون حرب غير مسبوقة تشن عليها يطل علينا السفير الامريكي في دمشق متأبطاً ثلة ممن اطلقوا على أنفسهم معارضة وطنية ليقدمهم ممثلين لوفد المعارضة المزعومة في مؤتمر جنيف .‏

شكراً مستر فورد لقد قدمت - علمت أم لم تعلم - أكبر خدمة للسلطة الوطنية السورية لأنك بفعلتك هذه نزعت كل ما تبقى من أوراق التوت التي تلطت بها تلك المعارضات بادعائها أنها معارضة وطنية مستقلة تعبر عن طموحات الشعب السوري في الاصلاح والتغيير؛ فمتى كانت الإرادة الوطنية يعبر عنها بفعل خارجي ومتى كان الأمريكي أو غيره وصياً أو وكيلاً عن السوريين في تحديد خياراتهم السياسية وفي شأن سيادي محض ، والأكثر من ذلك تحت أي عنوان أو معنى سياسي أو قانوني تختزل إرادة شعبية يفترض أن تكون روائزها ومعاييرها آلية ديمقراطية شفافة عبر إرادة فردية لمجموعة من الأشخاص أو التيارات والتنظيمات تحتضنها وتسوقها دول لها مصالحها وحساباتها الاستراتيجية في لعبة دولية باتت مكشوفة على الجميع .‏

إن المسرحية التي تم إعدادها في اسطنبول وباريس وغيرهما من دول الغرب الاستعماري وتم إخراجها في الدوحة وتجسيدها في مونترو وجنيف يعكس حالة جنينية بائسة لمعارضة الخارج أو على الأقل من انخرط منها في تلك الهمروجة أفقدها كل ما اعتقدت أنه رصيد سياسي ومجتمعي ضنت في بداية الحراك أن تكسبه عندما قُرِئت عند البعض على أنها حركة سلمية تسعى للإصلاح والتغيير عبر الآليات الديمقراطية المعروفة وهو المطلب الذي استجابت له السلطة الوطنية السورية بكل الإيجابية والوضوح والشجاعة .‏

إن السوريين الذين قد يختلفون في مشاربهم الفكرية ونظرتهم للنظام السياسي الذي يحكمهم وهذا أمر طبيعي وصحي ولكنهم بالقدر نفسه يجمعون باعتقادنا على رفض أي تدخل خارجي أياً كان مصدره شرقاً أم غرباً ومهما كان اللون السياسي الذي يتسربل به عندما يتعلق الأمر بشأن سيادي أو رمز وطني ؛ فللسوريين حساسيتهم التي قد لا يدركها إلا القلة من مدّعي السياسة وراكبي موجاتها أو موضاتها ولعل قاموسهم الوطني أقصى من مفرداته كل منتج خارجي ما جعلهم يمتلكون حصانة دائمة وحساسية خاصة حال استفزازه .‏

إن الغيوم السياسية التي قد تلبد مناخاً في ظرف راهني وطارئ لا يمكنها أن تحجب شمس الحقيقة وجوهر الأشياء وبالتحديد معادن الشعوب ونقاء سريرتها ، فإذا كان من السهل تلويث المجرى إلا أنه من الصعوبة بمكان فعل ذلك في المنبع فالغرب في ذاكرتنا ومتخيلنا الجمعي له صورة المستعمر الذي قسم البلاد بالأمس ويسعى اليوم لشرذمة أبنائها وتشظية وتدمير مجتمعاتها تحت عناوين مخادعة مضللة وكاذبة .‏

لقد تعامل فورد مع وفد ما سمي الائتلاف في مونترو وتحديداً في جلسة الافتتاح كالمعلم الذي يجلس تلامذته في مقاعد الدرس في الصف الأول الابتدائي ليقول للحضور وكل من تابع افتتاح جلسات مونترو الائتلاف يمثلني ؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11126
القراءات: 955
القراءات: 723
القراءات: 867
القراءات: 742
القراءات: 808
القراءات: 823
القراءات: 790
القراءات: 858
القراءات: 795
القراءات: 797
القراءات: 787
القراءات: 812
القراءات: 848
القراءات: 876
القراءات: 863
القراءات: 919
القراءات: 928
القراءات: 873
القراءات: 927
القراءات: 859
القراءات: 889
القراءات: 913
القراءات: 955
القراءات: 1081
القراءات: 1105

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية