بل ليس من العسير فهم تداعياته وارتباطه بالتصعيد الإرهابي الذي سبقه، والمجازر المرتكبة والتسويق الإعلامي والسياسي لها إلى حدود التبني الكامل لرواية الاتهام التي تناغمت معها أصوات السياسيين الأوروبيين والأميركيين.
فالواضح أن الخطوات ليست وليدة اللحظة، ولا هي مصادفة أو عرضية، بل تأتي متدرجة في سياق تطوراتها وتزامناً مع اللغة الملونة وأحياناً الملتبسة التي تصدر عن المسؤولين الأممين في غير مكان.
إذ إن المبعوث الدولي الذي اطلع على الكثير من التفاصيل، وجد نفسه أمام صورة قد تعدل الكثير من المعطيات التي رسمتها صورة الإعلام ومواقف السياسة، فكان القرار الغربي بمحاصرته قبل أن يغادر دمشق كي لا يذهب في مهمته أبعد من ذلك، وكي لا يتمادى في الرؤية ولا في المواقف، ولاسيما حين أدركت الأطراف الغربية أن إشارته إلى الأطراف الخارجية ودورها في تأجيج الإرهاب ومطالبتها بالتالي الالتزام بالخطة مما سيضعها في موقع الاتهام، وقد يكون أكثر من ذلك.
فهذا التناغم الفاضح في المواقف، والارتدادات الموازية لها على الأرض، وبالتزامن مع تصريحات ومواقف لم تكتفِ بتصعيدها السياسي ولا بالتهور إلى حدود الصفاقة، يفضح الكثير من الخفايا والأسرار، ويجمع خلفه وقائع يصعب تجاهلها أو القفز فوقها، حيث تستبق إنجاز المراقبين لتحقيقهم المستقل، كما تستبق التحقيق الذي تجريه سورية في دلالة واضحة على النيات المبيتة أساساً، والتي تكشف دوافع التصعيد الإرهابي وأبعاد التوظيف السياسي المعد مسبقاً، سواء في التخطيط للمجازر أم طريقة تنفيذها أم في الاستثمار السياسي والإعلامي لها لتكون الذريعة الجديدة.
هكذا تجمعت الخيوط ذاتها، وفي نسق متزامن لتكون كرة الثلج التي يراد لها أن تتدحرج إلى حيث يصعب إيقافها، فتكون ضحيتها الأولى مهمة السيد أنان، بعد أن أشاد بروح التعاون بين الحكومة السورية والمراقبين، مما أثار حفيظة الأوروبيين، وإيحاءاته المتكررة عن دور الأطراف الخارجية، وهذا ما يفسر على الأقل ذلك التسارع في التصعيد الغربي بالتوازي مع تصاعد أعمال المسلحين والإرهابيين.
على هذه القاعدة يمكن فهم أبعاد التصريحات الروسية الواضحة والتحذيرات من الاستخدام الخاطئ لخطة أنان، وأن يكون توحيد المعارضة للحوار وليس لإشعال الحرب الأهلية التي يروّج لها الغرب وتسعى إليها الأطراف الخارجية معارضة وقوىً ودولاً.
والخطير أن الأمر لم يقتصر على ذلك الاستخدام الخاطئ واستغلال وجود المراقبين للتسليح والدعم وتوفير البيئة الخصبة للإرهاب فحسب، وإنما يتجه نحو محاصرة المهمة ونسفها وإجهاضها في تناغم محكم لا يمكن معه تحييد العامل الإسرائيلي، ودخوله الفاضح على خط الأزمة، ليكون بمثابة أمر العمليات للتصعيد الغربي الذي صدر من واشنطن بعد أن أعد في الغرف المغلقة العربية وباشراف إسرائيلي .
بكل المعطيات فإن السوريين الذين كانوا ينتظرون زيارة أنان للإجابة على الكثير من الأسئلة، جاءهم الجواب صريحاً عبر التصعيد الغربي بالتزامن وفي التوقيت، ليعفي السيد أنان من حرج الإجابة، وإن كان يغمز من قناته أيضاً ويضعه أمام اختبار فك الحصار الغربي له ، وتأكد السوريون أكثر من أي وقت مضى أن المواجهة التي أعدوا لها جيداً قد باتت معلنة وهم جاهزون دائماً وقد أثبتوا ذلك.. وليكن النفير!!..
a-k-67@maktoob.com