ولا حلول متقابلة يمكن مقاربتها عن طريق مبادرات دولية أو إقليمية أو حتى محلية. لقد انعدمت إمكانات طرح المبادرات المحلية، علماً أن لها سوابق تاريخية، لأن الأطراف المعارضة لا تملك أجندات واضحة.. بل لا تملك تجسداً واضحاً على الأرض.
هناك الدولة «الحكومة أو القيادة» طرف أكيد موجود على الأقل يعلن تفهمه لكل المساعي واستعداده لمساعدة كل المبادرات.. وهو يستند في تأكيد قوله إلى موقفين له:
- الأول: موقفه من خطة الجامعة العربية.
- الثاني: موقفه من مهمة كوفي أنان.
أما الطرف الآخر.. فهو غير واضح..
أعني غير واضح كطرف يتجسد على الأرض بقرار قادر على تطبيقه ينهي العنف ويتجه إلى الحوار.
الأزمة كبيرة والقضية معقدة ويخوض فيها أطراف مختلفو الأجندات.. بعيدة عن إمكانية تبني أي قرار. حتى في مواجهة مسألة أقل بكثير من الأزمة السورية كقضية المخطوفين اللبنانيين، أعتقد أن كل من شارك في معالجة هذه المسألة يعلم جيداً أي متاهة دخل!.. ولا يعلم أبداً مع من يتفاوض..؟! كل ذلك والمسألة حالة اختطاف - طبعاً مع تقديرنا الكامل لآلام ذوي المختطفين والشعب اللبناني وآلامنا من هذه المسألة- فما بالكم إذ نخوض بالأزمة السورية ككل بما فيها من سلاح وقتل وموت ومذابح وخطف وقطع طرقات وتخريب منشآت؟!
الحكومة السورية لا تواجه قاعدة أو إرهاباً إسلامياً أو سلاحاً وتمويلاً قادماً من الخارج أو أجندات مختلفة متباينة، أو مجهولين يطرحون غرائب القول والفعل فقط.. بل تواجه ذلك كله وغيره الكثير.. فمن الذي سيتحدث باسم ذلك وغيره؟!.
هكذا نرى أن المبادرات بدأت تأتي لحل الأزمة السورية على شكل إملاءات للحكومة وفقط. وأية إملاءات «التنحي وإسقاط النظام» وليس لعاقل أن يجهل شبه استحالة ذلك..
ثم وسع أصحاب المبادرات من مبادراتهم فجعلوها إملاءات بنقاط متسلسلة على الحكومة السورية، وكلام غائب غائم للمعارضات مقرون بإقرارهم بالعجز في توحيد المعارضة وجعلها طرفاً صاحب قرار قابلاً أن يتجسد واقعاً على الأرض..
في خطوة ثالثة كان ثمة اعتراف بطرف ثالث أيضاً غير محدد وغير مستعد لأي حوار ..
هذا يعني أنه لا وقف العنف ولا الحوار محدد الأطراف وجد طريقه لزرع الأمل!، نعرف طرفاً له، ولا نعرف الطرف الآخر المتعدد المتباين المختلف المتأثر بمؤثرات خارجية أيضاً متباينة ومختلفة.
ما العمل..؟!
مذبحة الحولة.. إنذار..
هذا صحيح لكن السؤال: هل افتقدنا الإنذارات قبلها.. وهل ننتظر أن تكون آخر الإنذارات.
في المؤتمر الصحفي المشترك لوزيري الخارجية الروسي والبريطاني، بدا واضحاً أن التباين «المحدود» بين الموقفين لا يبشر أبداً باقتراب جسر الهوة. مع تمنياتنا الأكيدة لمبادرة الأمم المتحدة ومهمة أنان، ثمة ما يعيد طرح الأوراق في وجه السوريين، كل السوريين. فهل آن الأوان لتهدأ القلوب والعقل وكلنا موجوع ومفجوع ومهدد..؟!
As.abboud@gmail.com