تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


البعث وقبول التحدي؟

إضاءات
الإثنين 10-3-2014
د.خلف علي المفتاح

يمتلك حزب البعث العربي الاشتراكي بحكم عقيدته وتجربته النضالية قدرة فائقة على التأثير بالمجتمع وتطويره، وكذلك الأمر بالنسبة لأفكاره وأدواته بحكم ما يتوافر له راهناً

من قيادة فذة متمثلة بالرفيق الأمين القطري للحزب سيادة الرئيس بشار الأسد هي بحكم تكوينها الفكري والعقائدي والأخلاقي صاحبة رؤية تجديدية ذات طابع سياسي واجتماعي وعقائدي يصل إلى مستوى المشروع الوطني والقومي الذي يستمد عناصره من فكر الحزب وأدبياته وعقيدته مضافاً إليها التجربة الشخصية والتجربة الذاتية وآليات التفكير والذهنية المتفتحة والعملية التي تمتلك قدرة فائقة على المزاوجة بين الثابت والمتحول في مقاربة واقع متغير ومتبدل وظرف تاريخي استثنائي بالمعنى العميق للكلمة، وهنا تصبح الأفكار المطروحة ساحة اختبار للجميع، وخاصة القوى الفاعلة في الميدانين السياسي والاجتماعي والكوادر الحزبية وقياداتها المتسلسلة لقياس قدرتها على التعاطي مع الأفكار المطروحة بالمستوى المطلوب وامتلاكها إمكانية تحويل الأفكار المطروحة إلى سياسات وبرامج عمل تقود بالنتيجة إلى سلوك وثقافة مجتمعية وسياسية ترتقي بالوعي العام إلى المستوى المنشود في ظل التحديات والمهام القائمة والملحة في المجال العام.‏

ولا شك أن افضل الأفكارهي تلك التي تمتلك قدرة عالية على التطبيق بحيث تتحول إلى كائنات حية يلمسها ويعيشها الجميع، وتساهم بشكل خلاق في إحداث تغيير حقيقي في المجتمع، وإذا كان ثمة أفكار جيدة لا تجد مرتسماً لها على صعيد الواقع، فالمشكلة ليست في تلك الأفكار، وإنما في عدم قدرة الممارس على وعيها واستيعاب مضامينها وجوهرها من هنا تأتي أهمية أن تدفع الأحزاب والقوى السياسية إلى الواجهة الكفاءات والكوادر القادرة على التعاطي الفعال مع الأفكار المطروحة في إطار عملية التجديد التي تستلزمها طبيعة الحياة السياسية والاجتماعية في صيرورتها التاريخية وما تواجهه من تحديات وحاجة لاستجابة واعية لمتطلباتها.‏

إن التغيير في الأدوات في إطار التعاطي مع الأفكار الجديدة والبيئات السياسية المرتبطة بتغيير أوتحديد المناخ الحزبي والسياسي والديمقراطي مسألة بالغة الأهمية لأنه لا يمكن التعامل مع أفكار جديدة بأدوات قديمة، والقديم المقصود به هنا هو العقلية والذهنية وطرائق التفكير، وليس شيئاً آخر أخذاً في الاعتبار أهمية ومحورية دور الشباب في أي عملية تطوير أوتغيير بنيوي في المجالين السياسي والفكري والمجتمعي ولاسيما حال حصول انسداد في العمل الحزبي أوجفاف في الحوض السياسي أونمطية قاتلة في الأداء العام.‏

إن نجاح القوى السياسية والأحزاب بشكل عام في توطين الأفكار الجديدة المطروحة وتحويلها إلى ثقافة مجتمعية مسألة بالغة الأهمية، وهذا لايتحقق إلامن خلال فعالية سياسية وحراك حزبي وجماهيري فعال يتحول فيه منتسبو الحزب وفي مقدمتهم كوادره النوعية إلى فاعلين سياسيين واجتماعيين في بيئاتهم وحيثما وجدوا، وهذا يحتاج إلى برامج ثقافية وسياسية وأدوات فاعلة وفعالة على كل المستويات، وتصبح هذه المسألة أكثر أهمية في الظروف الاستثنائية التي تمر بها المجتمعات سواء أكان ذلك بفعل داخلي أم خارجي يستهدفها بنية ومنظومة وكياناً وهوية.‏

إن الظرف الاستثنائي الذي تمر به سورية الدولة والمجتمع والهوية السياسية والحضارية يستوجب تحريض المخزون الحضاري والثقافي للشعب العربي السوري بكل أطيافه وانتماءاته التي تضرب عمقاً في التاريخ لأن أحد أهم أهداف العدوان والحرب الكونية القذرة التي تشن على سورية يتمثل في ضرب الفكرة السورية التي تشكل النموذج في العيش والتفاعل والتكامل والتناغم بين أطياف الشعب السوري، وهي التي انصهرت تاريخياً لتشكل ما يمكننا تسميتها النموذج السوري الذي هو في جوهره تجسيد واختصار ونمذجة لفكرة العروبة بأبعادها الحضارية والثقافية وفضائها القومي الممتد.‏

إن محاولات ضرب وتفتيت الفكرة الوطنية وتدمير العقد الاجتماعي والولاء الوطني لكل قطر عربي ليست مسألة جديدة بل إنها مسألة تزامنت مع محاولات ضرب التيارات القومية وإخراجها من ساحة التداول السياسي والفكري والأيديولوجي، وهي فكرة مركزية وهدف ثابت لتيارات رجعية وظلامية ارتبطت موضوعياً مع قوى خارجية وتحالفت معها ولاتزال على مدى عدة عقود من هنا تأتي أهمية تشكيل حالة وعي على المستويين الوطني والقومي لمواجهة ذلك ترتكز إلى فكرة أن تعدد الانتماءات في الوحدات الصغرى على المستوى الوطني يجب ألا تلغي وحدة الولاء للوطن أوتصطدم بفكرة العروبة الجامعة بل إغناء وتعزيز لها.‏

إن الدين الإسلامي بأبعاده الروحية والثقافية الحضارية كان دائماً في صميم الفكرة الحضارية العربية، فمن خلاله انتشرت العربية كشعاع الشمس على مساحة المعمورة، فالعلاقة بين العروبة والإسلام علاقة الروح بالجسد ولم تصطدم فكرة العروبة بالإسلام إلا في إطار محاولات بعض الأحزاب والتيارات المتطرفة توظيف الإسلام سياسياً أوتسييس الدين وتديين السياسة، وهو ما قدم خدمة مجانية لكل القوى التي استهدفت الإسلام والعروبة على مر التاريخ وبالتحديد في القرن الماضي وبدايات القرن الحالي، ولعل ما تشهده بعض الساحات العربية والإسلامية من استهداف في الوقت الحاضر هو المثال الحي على ذلك.‏

إن فكرة العروبة بمضمونها ومجالها الثقافي والجغرافي مازالت هي الحل وهي الاستجابة المطلوبة للرد على هذا الاستهداف الممنهج لها ما يبرز أهمية وضرورة تعزيز الفكرة القومية ومقاربتها بمفاهيم وصيغ جديدة تأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية وخصوصيات الأقطار العربية وتنوع الفكرة الحضارية العربية وخاصة أننا نعيش حالة سقوط وانهيار لما سمي الإسلام السياسي على مستوى الساحة العربية.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11120
القراءات: 954
القراءات: 720
القراءات: 863
القراءات: 741
القراءات: 806
القراءات: 822
القراءات: 787
القراءات: 855
القراءات: 793
القراءات: 793
القراءات: 786
القراءات: 807
القراءات: 845
القراءات: 874
القراءات: 861
القراءات: 917
القراءات: 927
القراءات: 871
القراءات: 923
القراءات: 859
القراءات: 888
القراءات: 911
القراءات: 953
القراءات: 1078
القراءات: 1102

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية