حيث يراد للألوان أن تختفي وللتباينات ان تضيع في ازدحام الانشغال بترتيبات تسبق اللحظة القادمة.
وفيما المشهد يتراكض في إحداثياته شرقاً وغرباً تتسارع الخطوات المشبوهة باتجاه حرق ما يمكن من أوراق قبل أن يحط رحاله النهائية، فإن الزوابع التي تثار بعد الدعوة الأممية للمشاركة الإيرانية، تستوقف الحدث عند هذه الجزئية التي تحكم وجوده وهيئاته ونظرياته على نار تفتعل اشعال الحرائق وسط تراكمات من المواقف التي تستبق الحدث وتداعياته.
على المقلب الآخر تتجه الحسابات الأممية إلى المجاهرة لأول مرة في مراسم التباين الظاهر مع الولايات المتحدة الأميركية، التي أعطت موافقة مسبقة سرعان ما وضعتها في سياق التفخيخ السياسي على عتبات جنيف، وهي تلقي بظلال من التوجّس والشك في اللعبة التي ترمي بكراتها في المرمى الدولي على بعد أمتار فاصلة لا تكفي للاستدراك ولا تنفع معها عمليات المداورة المكشوفة التي بدت سمجة وغير مقنعة.
وإذا كان الأمر برمّته في الملعب الأممي الذي يتداعى سريعاً لرتق ما لحق به من عيوب صنعية في قراره المتأخر، فإن ما يجري تمريره خلف الكواليس بات في لحظة واحدة أمامها ومن دون أي رتوش، وهو يحاكي تصرفات صبيانية تداعت إليها دول تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن، وهي تتراكض خلف حفنة من الموتورين ومراهقي السياسة.
لا أحد لديه أوهام بأن محاولات التعطيل ستتوقف عند هذا الحد، أو قد يتم التخفيف منها، ولا أحد لديه شكوك بأن ما يجري يرسم وجهاً واضحاً وصريحاً للحالة القائمة التي تستبق جنيف بكثير من التقولات والإضافات، التي لم يكن الأمين العام للأمم المتحدة خارجها، وهو يقدم أوراق اعتماد المنظمة مسبقاً كشريك إضافي في كفة العرقلة حين تقتضي الضرورة.
ما يزيد الطين بلة أن تتحول بعض الكلمات في ظل التمادي والتراخي إلى حقيبة متنقلة من المفخخات القابلة للتفجير في لحظة الحاجة لها، وما تقتضيه من تجوال في القاعات التي تنتظر حضور الوفود، وهي لا تزال تضيف كرسياً هنا وتسحب كرسياً من هناك.
لا نعتقد أن المحاولات ستهدأ عند هذا الحد، وإذا كانت آخر الزوابع دعوة إيران ومن ثم التراجع المعيب، فإن في جعبتهم المزيد منها الجاهز والمحضّر، خصوصاً أن الحديث عن مكافحة الإرهاب لا يروق لهم رغم مخاوف الغرب مما يجري، وتصاعد حدة الهواجس القادمة من ذلك الإرهاب المتفشي على أكثر من جبهة وفي أكثر من اتجاه.
مع اقتراب الساعات الأخيرة تجري المداورة على كل الجبهات، الساخنة منها والباردة.. القديمة منها والجديدة، والعنوان المحمول في حقائبهم التهرب والتملص مما قد يكتب في قاعات جنيف، وبالحبر المتداول وليس السري: أن الإرهاب ودعاته وحماته والمتاجرين به باتوا على اللائحة السوداء.. قبلوا بذلك أم رفضوا.. تبرموا يميناً وشمالاً، أم لاذوا بافتعال المزيد من المعارك وإشعال المزيد من الجبهات!!
a.ka667@yahoo.com