وبين تغريدة معادة لشيخ الفتنة الشهير بيوسف القرضاوي يفتي فيها أيضاً بقوله : « بعد هذا العمر الطويل لم أجد فائدة من التقريب بين المذاهب «، لكنها بالتأكيد مصادفة ذهنية للتوافق بين عقلين من منشأ واحد، ينطقان في وقت واحد ويحرمان في وقت واحد سلوكين اجتماعيين متوارثين منذ مئات.. بل حتى آلاف السنين !
إذ لطالما كانت الدعوات والمبادرات والمساهمات جارية عبر عشرات السنين ومئاتها بين أتباع المذاهب المختلفة في المجتمعات كافة، للتقريب بينها وللبحث عن نقاط التقاطع والاجتماع لإقامة الحوار عليها، وبالتالي تثبيت دعائم السلم والأمن الاجتماعي، وثمة تراث طويل عريض متراكم من هذا التراث يزيد حتى على ما تراكم من تراث التفريق والتمزيق الاجتماعي والثقافي!!
ولطالما ظلت أيضاً لعبة الشطرنج أقدم ألعاب العقل والذكاء الإنساني، واختصت النخب الاجتماعية والثقافية فضلاً عن العامة بممارستها بوصفها لعبة عقل وذكاء، ولطالما استعيرت رقعة الشطرنج للتعبير عن الأفكار والاستراتيجيات وحدود رواجها واستطاعات تقدمها، ولم تكن يوماً تعبيراً عن شرور أو مثالب ولا حتى مضيعة لوقت.. أو صلاة؟
وإذا كنت ألتمس للقرضاوي ثأره من عزلة ذهب إليها، وانتقامه من أفول نجمه بعدما اتسع الإدراك العام العربي والإسلامي لخطورة ولا جدوى حرب الطوائف التي دعا إليها طويلاً ولا يزال يدعو، فأراد العودة إلى دائرة الضوء والاهتمام ولو على ظهر دابة عرجاء... فكيف نلتمس للمفتي السعودي تحريمه لعبة عالمية تشكل واحدة من الثقافات التي تجمع العالم ولا تفرقه، وتتجاوز كل أنواع التقسيم والتجزيء والتفريق؟
صحيح أن الفتويين لا تستحقان نقاشاً ثقافياً بأي حجم وأي اتساع، غير أنني آثرت الحديث عنهما باعتبارهما نموذجاً لعقل واحد يلتبس فيه الخير والشر، ويغلف أفكاره ومنتجه الذهني العفن بطبقة من السلوفان اللامع.. تبدو هي اللب بالنسبة إلى الكثيرين من حملة العقل ذاته وما أكثرهم اليوم في بلداننا ومجتمعاتنا !
أشك أن تحريم المفتي السعودي للعبة الشطرنج ناجم عن أنها « مشغلة للوقت ومنفقة للمال وسبب للعداوة بين اللاعبين « كما ادعى.. وإلا كان عليه تحريم كل الألعاب الرياضية الجسمية والعقلية، وأشك أيضاً بأنه هو ذاته مقتنع بما أفتى فيه.. وإلا فلماذا اختار لعبة الشطرنج بالذات ولم يختر غيرها؟
ولكي لا تذهب شكوكي سدى، أظن أن المفتي السعودي أراد تحريم لعبة الشطرنج ليصل إلى تحريم أشهر عبارات اللعبة « كش ملك « والتي تبشر عادة بإزاحة الملك أو إعلان الانتصار عليه، وسنلتمس العذر له حينئذ.. إذا كان يشعر بأن الوقت قد حان لإطلاق عبارة « كش ملك « في وجه مليكه ؟؟