تقتضي الحالة الطبيعية في العيش أن نمارس الحياة, كل أفعال الحياة, ومن هنا يأتي بحث الإنسان عن الحقيقة والجمال, باعتبارهما وجهين للعقل.
لكن في ظل شروط غير طبيعية للحياة.. ظروف استثنائية تتحول مع الوقت إلى قاعدة لانطلاق أفعال الحياة, ما مصير الحقيقة والجمال.. أي ما مصير العقل؟
في الظروف غير المؤاتية للحياة, يتحطم وجها العقل: الحقيقة والجمال.. وكما قيل لا يستوعب العقل حينذاك سوى الضروريات كالهواء، والماء، والخبز، ويصبح كل ما عدا ذلك من الكماليات .
هل هناك ما هو أصعب من أن ندور في فلك الضروريات, ونعتبر الحقيقة والجمال كماليات؟ حينها أعتقد سيكون على حقٍ من قال: «من يعش مع الموت يستمر في التدريب، لأن الصعوبة ليست في الموت وإنما في الحياة»
كيف يمكن لشعبٍ, أو لمجتمعٍ أن يرقى ليمارس أفعال الحياة, أفعال البحث عن الحقيقة والجمال, أفعال العقل, وهو يبحث لا عن حياة, بل عن عيش يستهلكه البحث عن الضروريات؟!
كيف لشعبٍ, أو لمجتمع أن يرتقي فوق الموت, وهو يرى فيه الخلاص من حياة تعادله أو يتفوق عليها؟
لم نعمل على تشجيع الحياة, بل لطالما شجعنا الموت.. لم نعمل على تحويل العقل إلى ضرورة, بل جعلنا البحث عما يسد الرمق أسلوب حياة, فكثر الموت, ومعتنقو فلسفته..
لن ننهض من الموت وفلسفاته, ما لم يصبح وجها العقل ضرورة.. إذاً لنبحث عن الحقيقة والجمال.. وهما أكثر المتضررين من أحوالنا اليوم.. كي تكون لنا قيامة أخرى.. وإلا فلنقل ما قاله نيتشه: «أذلك كان الحياة؟ إذاً نعم، أريد أن أقول للموت: إلى الأمام، لنبدأ ثانية!».
Suzan_ib@yahoo.com