تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاستفزاز .. وحزم العزل!!

معاً على الطريق
الأربعاء 5-3-2014
علي نصر الله

يقول الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه سيتخذ مع شركائه الغربيين حزمة من الإجراءات لعزل روسيا اقتصادياً وسياسياً - كما يزعم - رداً على ما وصفه بتحرك روسي غير مشروع باتجاه أوكرانيا،

فهل أعاد البيت الأبيض حساباته قبل إطلاق هذه التصريحات الاستفزازيّة، أم إنه أسقط من حساباته أنّ من يتحدث عنه ويحاول استفزازه هو شريك دولي مهم، وقوّة اقتصادية مؤثرة، وركن أساسي في الهيئة الدولية، وعضو دائم العضوية بمجلس الأمن؟.‏

لا يخطىء سيّد البيت الأبيض فقط عندما يتحدث بهذه اللهجة المرفوضة - بالمبدأ - عن روسيا، بل يبدو متهوراً ومنفصلاً تماماً عن الواقع، ذلك أنّه إذا كان من المستغرب أن ينأى في سلوكه عن مبادىء القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة في ذهابه إلى حديث العقوبات والعزل والتهديد العسكري ضد سائر الدول التي تعارضه أو تلك التي لا تعجبه سياساتها، فإنه من المستهجن أن يذهب المذهب ذاته مع الدول الأقطاب في المنظومة الدولية؟!.‏

غير مرّة لجأت الولايات المتحدة إلى العقوبات أحاديّة الجانب، وغير مرّة تحدثت عن خيارات استخدام القوة العسكرية ضد خصومها، وغير مرّة سعت إلى إجراءات العزل السياسي والاقتصادي في الغرب والشرق، لكنها في كل مرة كانت تعزل نفسها وتفشل في كل شيء إلا في مضاعفة معاناة الشعوب وبتنمية شعورها بالكراهية لأميركا وسياساتها العدائيّة.‏

وبصرف النظر اليوم عن جذور الأزمة الناشئة في أوكرانيا يمكن القول: إن حضور الغرب وأميركا الاستفزازي في ساحات كييف لم يستفز موسكو التي ذهبت بعيداً بالاستجابة للوساطة الأوروبية «الفرنسية الألمانية البولندية» بهدف حل الأزمة، لكن أن تقف موسكو مكتوفة الأيدي إزاء الاستيلاء المسلّح على السلطة في كييف والانقلاب التام على اتفاق 21 شباط، وإزاء محاولة اللّعب في الحديقة الخلفية لها، ومحاولة تهديدها مباشرة من جهة خاصرتها الرّخوة، فهو ما يجب ألاّ يتوقعه الغرب وأميركا.‏

وقد يطرح الظهور الإعلامي الواثق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين واحدة من أهم وأعظم المفارقات وربما الدروس في السياسة الدوليّة التي ينبغي أن تتعلم منها واشنطن، ذلك أن بوتين بدا متوازناً رصيناً وواقعياً يتحدث عن الخطوات القانونية والدستورية والشرعية، وفي الوقت ذاته لا يخفي شيئاً عندما يتحدث عن المصالح الوطنية لبلاده وواجب حمايتها، ولم يخف شيئاً عندما تحدث عن الطموحات الجيوسياسية للآخرين ولبلاده، وكان في غاية الشفافية لكنه لم يكن استفزازياً لأحد.‏

التطرف أمر مرفوض، وسيواجه بكل الأدوات أينما وجد، وهذا ما يجب على واشنطن أن تفهمه أولاً كي ترتدع عن دعمه وتغذيته، وثانياً كي يكون متاحاً أمر انضمامها لاحقاً إلى الدول التي تحاربه وتكافحه، وإلا فإنها لن تبقى في منأى عنه، فضلاً عن أن المنظومة الدولية ستجعلها يوماً تدفع أثمان استخدامها للمتطرفين النازيين في الغرب وللمتأسلمين في الشرق، وليتها تعي أنه من الأفضل لدولة ملطخة السمعة، وسيئة الصيت، وعاجزة، ومدينة بآلاف مليارات الدولارات ألا تتحدث عن عقوبات وإجراءات عزل اقتصادية، وإذا كانت تعلم - وهي تعلم - أن الاقتصاد هو بنية تحتية أساسية للسياسة، فمن الأفضل لها ألا تتحدث أيضاً عن إجراءات عزل سياسية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي نصر الله
علي نصر الله

القراءات: 12438
القراءات: 1686
القراءات: 1347
القراءات: 1515
القراءات: 1465
القراءات: 1292
القراءات: 1529
القراءات: 1390
القراءات: 1512
القراءات: 1593
القراءات: 1595
القراءات: 1669
القراءات: 1935
القراءات: 1310
القراءات: 1388
القراءات: 1338
القراءات: 1696
القراءات: 1512
القراءات: 1466
القراءات: 1551
القراءات: 1501
القراءات: 1526
القراءات: 1508
القراءات: 1815
القراءات: 1514
القراءات: 1385

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية