عن التغير في السياسات والمواقف، فضلاً عن الممارسات التي اتخذت أشكالاً حدية، أسهمت في أسقاط أنظمة، وإعلاء غيرها في مسلسل مازالت نهاياته مرشحة للكثير من الاحتمالات، عقد مضى تغيرت فيه وجوه سياسية وآليات تعامل سياسي واقتصادي واجتماعي وعسكري، وراوحت مواقف في مكانها،فيما تاهت حكومات ودول بشأن اتخاذ مواقف محددة، كما تراجعت غيرها عن مواقف وسياسات بنتها وفق رؤى قاصرة، ومعارف منقوصة اكتشفت بعدها خطأ تقديرها وقصور رؤيتها، فحاولت العودة إلى الجادة الأقرب للصواب معترفة بصوابية الرؤى والمواقف للذين استندوا إلى قاعدة شعبية متينة وامتلكوا رؤية واضحة تحدد طبيعة العلاقة مع الغير، وتعرف بدقة الامكانيات والقدرات الذاتية، وتتمثل الطموحات والآمال للأمة القادرة على امتصاص الصدمات، ومواجهة التحديات مهما تعاظم حجمها.
تلك هي سورية خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، دخلت مرحلة متقدمة من التأثير والفعل الدوليين، مستندة إلى تراث وتاريخ طويلين من الفاعلية والحضور والتأثير الإنساني استطاعت خلاله من تجاوز كل المطبات ومواجهة كل التحديات والعمل على المضي قدماً في عملية البناء الداخلي وترسيخ الدور القومي والدولي على السواء.
في نهاية العقد الأول للألفية الثالثة تبدو الصورة أكثر زهواً وألقاً، فرغم السنوات القاسية والتحديات الكبيرة الظالمة ومحاولات الإقصاء المتكررة من جانب سياسات العدوان فإن سورية خرجت منها كلها أكثر قوة وحضوراً، وأكثر إيماناً بصوابية الرؤية وصحة النهج والأسلوب.
واليوم ثمة حقيقة يرددها العالم في مناحيه كلها هو أن التغيير في المواقف يحدث لدى الجوانب والأطراف التي تناصب سورية العداء، وتتحداها في بعض مواقفها، أما الثبات والوضوح والصوابية فإنه يبدو واضحاً لدى سورية دوماً، وإن كانت تدفع بعضاً من مقدراتها ثمناً للمواقف الثابتة، تلك المواقف التي يسعى البعض للتأثير في مدى قدرتها على الاستجابة لاحتياجاتنا ومتطلباتنا في ظل المتغيرات الحاصلة.
سورية أثبتت تلك الصوابية، وأوضحت معنى التشبث بتلك المبادئ المؤهلة وحدها لحقيقة القدرة على المواجهة في جانب، والقادرة على استنهاض الأمة واستعادة دورها في جانب آخر.
عقد يمضي ويبدأ عقد جديد في سلسلة متنامية صاغت أسساً راسخة لبناء حياة أكثر أمناً واستقراراً للمواطن والوطن.