وتجاهل القرار المذكور الإشارة إلى دور الجيش العربي السوري والمقاومة في مواجهتهما للإرهاب وهو ما يدعو إلى الاستغراب وطرح المزيد من علامات الاستفهام.
وبعيداً عن مضامين وآليات ذلك القرار وما تلاه وسيتلوه من قرارات، وما انبثق عنه من نتائج فإنه لابد من التوقف عند العديد من القضايا منها أن الإرهاب الذي يضرب في سورية والعراق منذ عدة سنوات لم يدفع بمجلس الأمن التحرك السريع بهذه الصورة، إلا بعد أن فعل الإرهاب فعلته في أوروبا وفرنسا على وجه التحديد ما يعكس حقيقة أن الغرب يتعامل بازدواجية واضحة مع الأفعال الإرهابية ولا يتحرك جدياً إلا عندما تصيبه شرورها ، وهذا يعكس أزمة أخلاقية يعيشها بعض ساسة الغرب ناهيك عن أن مواقفه في هذا المجال لا تنطلق من مواقف مبدئية وإنما من معايير سياسية تتعلق بمصالح معينة قد لا تكون بالضرورة مصالحاً وطنية، الأمر الآخر الذي تجدر الإشارة إليه هو أن القوى الغربية لم تضغط على تركيا القاعدة الأساسية واللوجستية للإرهابيين كي تضبط حدودها وتغلقها بوجههم إلا بعد أن فاض الإرهاب باتجاه أوروبا، في حين أنه لم يطلب ذلك عندما كان الإرهابيون من كل الجنسيات يتجمعون ويتدفقون إلى سورية من تركيا ويقومون بسرقة المعامل والمنشآت ونهب الآثار واستجرار النفط وبيعه في الأسواق التركية وعلى مرأى ومسمع الجميع ولم يحرّك الغرب ساكناً أو يطلب إلى الحكومة التركية المنخرطة حتى النخاع في دعم التنظيمات الإرهابية وقف ذلك أو الحدّ منه أو حتى مراقبة حدودها ما يعني أن ثمة موافقة بل شراكة غربية في ذلك.
إن عدم جدية القوى الغربية في ادّعائها الحرب على الإرهاب هو الذي أفسح المجال ومنح الوقت والفرص للتنظيمات الإرهابية كي تعزز مواقعها وتوسِّع دائرة أفعالها الإرهابية وتشكل خطراً حقيقياً على الأمن الإقليمي والدولي ولا مؤشر حتى الآن على أن ثمة إرادة سياسية غربية حاسمة في مواجهة الإرهاب بدليل تجاهل الغرب والقوى الإقليمية الملتحقة فيه ما يقوم به الجيش العربي السوري والمقاومة المتعاونة في هذا المجال وحجم التضحيات التي قدّماها في هذا المجال لا بل أن تلك القوى تقف في الصف الداعم علناً أو سراً للعصابات الإرهابية أو من يمثّلها من قوى إقليمية تعلن جهاراً نهاراً مواقف داعمة لتلك التنظيمات سواء على المستوى العسكري أو السياسي والإعلامي وتحت عناوين كاذبة من قبيل أنها تدعم (المعارضة المعتدلة) وهو تعبير مخفف لمفهوم الجماعات الإرهابية.
إن الحقيقة الـمُرّة التي يحب أن نعترف بها هي أن كل إداناتنا لساسة الغرب وحديثنا عن ازدواجية معاييره ودعمه أو استثماره للإرهاب لم تجدِ نفعاً أو تغيّر في مواقفه العملية مما تشهده الساحة العربية وتحديداً السورية والعراقية من إجرام وقتل وإرهاب منظم فالواضح أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية لا يمكنها أن تتخذ مواقف عملية بمواجهة الإرهاب إلا بعد أن تعاني من شروره أو تلفحها نيرانه أو تشعر أن مصالحها ومصالح أتباعها الذين تسميهم (حلفاء) مهدّدة وهذا ما أثبتته أحداث باريس أو غيرها من مدن وعواصم، ما يعني أن على الدول والشعوب التي تعاني من الإرهاب أو تتضرر منه أو يتهدد مستقبلها وأمنها القومي أن تشكل جبهة عريضة وحقيقية عسكرية وسياسية وإعلامية وأمنية لمواجهته ومنازلته وهذا ما تؤكد عليه روسيا الاتحادية في كل الخطوات التي تخطوها باتجاه حل الأزمة السورية سياسياً، مع الأخذ بالاعتبار القضاء عليه واجتثاثه من جذوره ولعل الشراكة السورية الروسية وما حققته من نتائج عملية على الأرض تصلُح لتكون النواة الصلبة والحقيقية والمنطلق لذلك.
khalaf.almuftah@gmail.com