أوروبا تداري خجلها من المواقف المبالغة التي اتخذتها دون مبررات حقيقية. كل هذه المواقف قامت على أساس حتمية السقوط القريب لـ «النظام»، وهي تدرك اليوم عبثية هذه القناعة التي قامت على مواقف مسبقة ومعلومات خاطئة. وتدرك إلى جانب ذلك دقّة النظرة السورية من حيث انتشار الإرهاب ووصوله إلى البلدان التي دعمته بصورة مباشرة علنية ... تركيا وقطر والسعودية ...أو بصورة غير مباشرة وبتكتم وسرية كالولايات المتحدة وأوروبا...
تعاملت أوروبا غالباً مع النشاط الإرهابي في سورية كـ «ثورة» وطريق ليس للوصول إلى الديمقراطية... هذا كذب ونفاق... فهم لم يجهلوا يوماً أن هذا الطريق لن يوصل إلى أي ديمقراطية... وأشك أن مسألة الديمقراطية في سورية تعنيهم، إلا بما يخدم مصالحهم... بل هم اتخذوا مواقفهم على أساس أنهم يفضلون خروج سورية الدولة وليس فقط النظام من معادلة القرار أوالقرارات في الشرق الأوسط.
ترى أوروبا اليوم ومعها العالم أنه في معادلة محاربة الإرهاب.. لا بد من سورية ... وأن الإرهاب خطر يتحدى الجميع... وتتدرج في إطار إعلان رفضها للتنظيمات الإرهابية. الرئيس الفرنسي تحمّس مؤخراً وأكد ضرورة محاربة النصرة إلى جانب داعش.. وما يتجاهله خصوم وأعداء سورية، هو وحدة الايديولوجيا بين كل الإرهابيين التي تجعلهم ينتقلون من تنظيم إلى آخر بكل سهولة ويُسر.
تشعر أوروبا اليوم بالخطر كما أسلفت... وتُقر بالدور السوري الحقيقي والأول في محاربته.. وتتجه بخجل وتردد إلى التفاهم مع سورية.. لكنها لا تريد التراجع عن المواقف الظالمة التي اتخذتها ضدها، ولا سيما الحصارين الاقتصادي والسياسي ؟؟!!.
هذا طريق إن لم يكن مغلقاً كلياً فهو ضيق جداً ويشبه إلى حدٍّ كبير من ينظر إلى المسألة من ثقب المفتاح.. يخبئون المفاتيح كلها في جيوبهم وينظرون من الثقوب.
السؤال الشرعي الأكيد : ماذا بعد ...؟!
هل تنتظر أوروبا تغيُّراً في الموقف السوري يجعلها تفتح أبوابها للخراب الكامل، عن طريق الاستسلام لنوازع الإرهابيين بأي رداء كانوا.. أم أن تحفر في أبواب البلد لتتسع الثقوب فتدخل أوروبا دون أي تعديل في مواقفها العدائية لسورية ؟؟!!
أوروبا تعرف الطريق، وتحفظ كلمة السر، والخطر ما زال محدقاً وقد اشتدت خطورته... فكفى نظراً للأمور من ثقب المفتاح...
As.abboud@gmail.com