كجزء من الوجدان السوري الذي تتقاطع عنده كل مشاهد اليقين السياسي ببقاء الجولان بنداً دائماً في لائحة همهم واهتمامهم.
ولم يكن بمقدور الحجارة التي رمتها قوى وأطراف وهي تغمز من قناته أن تغيّر في الحقيقة شيئاً، خصوصاً بعد أن تكشفت أبعاد العلاقة القائمة بين الإرهابيين وإسرائيل، وتوضحت معايير المعادلة السياسية التي يريد أن يفرضها الإرهاب في رسم معالم الطريق إلى خدمة الإسرائيلي تنفيذاً للاشتراط الأميركي.
فبقي الجولان كما كان على الدوام معياراً للعمل السياسي والوطني، وظلت رمزيته تحاكي انفعالات السوريين اليومية، وهم يتابعون جزئيات العدوان المتواصل على سورية من أصقاع تقاطرت عبرها المرتزقة، والتقت من خلالها الدول الوظيفية القائمة مع الفعل الإرهابي المنظم، وتقاطعت عنده الأطماع والمشاريع مع أجندة التنظيمات الإرهابية.
ربما لم يكن صعباً على أحد تقصي أبعاد العلاقة وحدود الخدمة المتبادلة بين الإرهابيين وإسرائيل، ودرجة الكفالة الإقليمية والغربية والرعاية الأميركية المباشرة، لكن في الوقت ذاته لم يكن من السهل توقع أن يتم تظهيرها بهذه العلنية ولا أن يكون الوسطاء مشيخات وإمارات، وصولاً إلى أن يسارع الإسرائيليون إلى المجاهرة بأهدافهم النهائية في القرصنة السياسية مستغلين أجواء المناخ الدولي المتداخلة في حسابات النظام العالمي الذي يولد.
الفارق في الحسابات هنا يشبه الخطأ في افتراضات المرتزقة ومشغليهم والأوهام التي انتصبت، كما يتقاطع مع المعادلات المقلوبة التي ارتسمت في أذهان الكثيرين ممن عوّلوا على الأميركي وأدواته في استهداف سورية، وأن الضغط في نهاية المطاف يمكن أن يعدّل من مسار الأحداث، وجاءت المقاربات الإسرائيلية مشبعة بغطرسة الاحتلال المعهودة لاقتناص فرصة الانشغال بما يجري من أجل تحقيق ما عجزت عنه على مدى سنوات الاحتلال البغيض، وهي تحصي أوراق التعويل في محفظة المرتزقة.
واللافت أن يكشف الإسرائيلي علناً وفي توقيت لا يخلو من دلالة واضحة في التخطيط المسبق لاقتناص الفرصة، وأن يمر الأمر دون أن يستوجب ولو كلمة واحدة من المعارضين باختلاف أطيافهم.. أدوارهم ووظائفهم، ولا نعتقد أن قضية الجولان تخص أحداً في سورية دون سواه، وهي كما كانت موضع إجماع في الماضي ستبقى كذلك، ووحدهم المتآمرون والخونة يريدون أن يعزلوا أنفسهم خارج دائرة حسابات غضب الإسرائيلي وأسيادهم في السياسة ومموليهم في الإرهاب.
الاختلاف هنا قطعي والفراق حتمي والتعارض إلزامي، لأن السوريين الذين رفضوا قرار الضم رسمياً وشعبياً باتوا اليوم أكثر تمسكاً برفضه وأشد إصراراً على استعادة أراضيهم المغتصبة، وأكثر قناعة بأن هؤلاء المرتزقة في السياسة والقتل والدبلوماسية والإعلام لا يختلفون عن بعضهم وليس هناك من فارق، حيث من يرفض استعادة الأرض المغتصبة لا يختلف كثيراً عمن يضع يده بيد الإسرائيلي والاثنان لا يختلفان عن الإرهابي الذي يقتل السوريين بالقنص والمفخخات والهاون والتفجيرات الإرهابية.
ما فات الجميع أن الجولانيين الذين بقوا على تمسكهم بهويتهم لن يقبلوا أن يكونوا جسراً لتنفيذ ما عجز الاحتلال عن فرضه بالقوة والضم والتهجير والتنكيل، ولن يسمحوا لبضع خونة ومتآمرين أن يعدّلوا من مشهد مقاومتهم الذي كان وسيبقى مثالاً حياً للتمسك بالأرض والهوية، وهم يدركون أن السوريين على امتداد الأرض السورية يتشاركون معهم آمال عودة الأرض ودحر المحتل مهما طال الزمن.
a.ka667@yahoo.com