تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نتنياهو ودولة الإقامة الجبرية

إضاءات
الأثنين 22-6-2009م
خلف علي المفتاح

لم يكن مصادفة أن يوجه رئيس وزراء الكيان الصهيوني رسائله الحربية التي جاءت تحت عنوان رؤيته للسلام من مكان له رمزيته في القتل وهو بار ايلان،

حيث انطلق منه قاتل إسحاق رابين الذي اعتبره الصهاينة خارجاً عن مبادئ العنصرية الصهيونية بقبوله التفاوض مع الفلسطينيين والدخول في مفاوضات سلام مع العرب.‏

لقد تحدث رئيس وزراء الكيان الصهيوني عن الفلسطينيين ودولتهم وكأنهم شعب تحت الإقامة الجبرية أو لاجئون سياسيون يقبعون تحت رحمته وهذا يعكس طبيعة نظرة قادة الكيان للشعب الفلسطيني ورفضهم الاعتراف بحقه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، ولعل المفارقة العجيبة التي تعكس حجم المأساة العربية، والوضع السياسي العربي هو ذلك التحول في الخطابين العربي والصهيوني في النظر إلى قضية الصراع عبر عقود ستة, فمن رفض قاطع للكيان ولاءات عربية في حالات الضعف العسكري وزمن النكسات إلى مبادرات سلام وقبول بالكيان في وقت أصبح العرب فيه أكثر قوة وتأثيرا، بل استطاعت المقاومة الوطنية اللبنانية على محدودية قوتها العسكرية إلحاق هزيمة تاريخية به تعكس حقيقته الهشة ومحدودية قدرته على المواجهة الطويلة.‏

لقد كان حلم قادة الكيان منذ استزراعه في فلسطين المحتلة هو أن يتحول من واقع فرض بالقوة إلى حقيقة يقبل بها العرب، وهو الأمر الذي لم ولن يتحقق على الرغم من كل الاتفاقيات التي وقعت، ولعل الورقة الأقوى في صراعنا مع الكيان العنصري هي عدم الاعتراف به وهذا ما فرط فيه بعض العرب، ما جعله يمعن في رفضه الاعتراف بالحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني ويتحدث قادته عن الفلسطينيين أصحاب الأرض وكأنهم هنود حمر يجب إبادتهم واقتلاعهم من جذورهم.‏

إن خطاب نتنياهو يشكل رسالة حرب للعرب والأمريكيين ولكل من يعنيهم الأمر، وقبل ذلك كله للإسرائيليين أنفسهم الذين اختاروا الأكثر تطرفاً بين قادتهم وأحزابهم ليكون عنوانهم السياسي، في وقت ارتفعت فيه وتيرة الحديث عن السلام مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي حاولت أن تقدم مقاربة جديدة في إطار تعاطيها مع قضايا المنطقة ومن بينها عملية السلام التي وضعها الصهاينة في غرفة الإنعاش أو الموت الاكلينكي كما هو حال شارون الأب الروحي لنتنياهو.‏

لقد شكلت المراهنة على موقف الإدارة الأمريكية الجديدة واعتقاد بعض القادة العرب بجدية الكيان الصهيوني ورغبته في السلام جانباً مهماً, من الحراك السياسي العربي وهذا يعكس ضعف الفعالية السياسية العربية ومحدودية تأثيرها في عملية الصراع لأنها أهملت جانباً أساسياً من جوانبه وهو استمرار الفعل المقاوم وهذا ما حذر منه السيد الرئيس بشار الأسد في قمة الدوحة «قمة غزة الطارئة» التي عقدت إبان العدوان الصهيوني على غزة عندما دعا إلى سحب المبادرة العربية للسلام وإخراجها من التداول السياسي لإجبار الكيان الصهيوني على الانصياع إلى متطلبات عملية السلام.‏

إن المتابع لأصداء خطاب نتنياهو في الشارع الصهيوني يدرك تمام الإدراك أنه تحدث بلسانهم وعقولهم وقلوبهم جميعاً وكان منسجماً مع نفسه ونفسية المجتمع الصهيوني المؤسس على القتل المنهجي المؤدلج والرافض كلياً لحقوق الشعب الفلسطيني في العيش على أرضه وإقامة دولته المستقلة.‏

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه أمام مندرجات خطاب نتنياهو هو ما الموقف المطلوب عربياً ودولياً في مواجهته؟ وهنا لابد من العودة إلى خطاب السيد الرئيس في قمة الدوحة عندما قال: «ما يتغير في إسرائيل هو المظهر أما المضمون فهو نفسه لأن يمينهم كيسارهم كوسطهم جميعهم يتنافسون على أراضي العرب وأرواحهم ودمائهم، لذلك علينا ألا نعتمد على الآخرين ولا أن نبني على مواقفهم، بل يجب الاعتماد على قوتنا الذاتية ورغبتنا في السلام يجب أن تكون الدافع لنا لدعم المقاومة لأن دعمها هو واجب وطني وقومي وأخلاقي وهي خيارنا الوحيد في غياب الخيارات الأخرى».‏

تعليقات الزوار

المهندس / محمد المفتاح - الرقة ومقيم في الرياض |  almoftah_2005@hotmail.com | 26/06/2009 20:44

الأستاذ / خلف المفتاح ، تحية وبعد : التطرف صفة صهيونية ، ولكن هذا الجنوح المتصاعد بشكل رأسي للمجتمع الصهيوني إلى أقصى اليمين في تطرّفه ظاهرة تستحق الوقوف عندها ، وما (دولة الإقامة الجبرية) التي تحدثت عنها سوى أول نتائج هذه الظاهرة ، وبهذا أقول : 1 - على العرب مجتمعين أن يضعوا المجتمع الدولي وخصوصاً أمريكا والغرب أمام مسؤولياتهم تجاه عملية السلام ، والاستفادة من نقاط القوة لديهم (المقاومة ، مصالح أمريكا والغرب معهم ، مكاتب المقاطعة ، .......) ؛ 2 - على العرب مجتمعين أن يستفيدوا من المواقف التي بدأت تصدر من إدارة الرئيس أوباما وبعض الحكومات الغربية تجاه حكومة المتطرف نتنياهو ، وأعتقد أن تلويح الإدارة الأمريكية بإعادة النظر باستخدام (حق الفيتو) الذي يشكّل حصانة لإسرائيل ، وإلغاء الإدارة الأمريكية لاجتماع كان مقرراً بين نتنياهو والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل في باريس ، أمور يمكن البناء عليها ؛ 3 - السلطة الفلسطينية في رام الله التي وقّعت اتفاق أوسلو الذي أرى أنّه قد مهّد لدولة الإقامة الجبرية ، عليها أن تتخذ الموقف الشجاع ، وتعيد اللحمة لأبناء فلسطين ، حتى لا تصبح الدولة المشار إليها أمراً واقعاً !

وفيق ، الضيعة |    | 27/06/2009 13:45

يا اخ خلف .. اسرائيل لا تفهم الا لغة المقاومة ، واعتقد بانه لولا المقاومة ، لما ارسلت اسرائيل المفاوضين الاوربيين والاميريكيين لمفاوضة المقاومتين اللبنانية والفلسطينية وحتى العراقية والافغانية . سقوط ورقة المقاومة (عذرا لهذه التسمية فهي اكبر من ذلك بكثير ) يعني سقوط كل شيء .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11369
القراءات: 1097
القراءات: 845
القراءات: 999
القراءات: 877
القراءات: 943
القراءات: 957
القراءات: 914
القراءات: 986
القراءات: 934
القراءات: 974
القراءات: 913
القراءات: 939
القراءات: 977
القراءات: 1032
القراءات: 994
القراءات: 1090
القراءات: 1070
القراءات: 991
القراءات: 1054
القراءات: 994
القراءات: 1020
القراءات: 1047
القراءات: 1081
القراءات: 1318
القراءات: 1234

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية