وفيها 12 قاعدة عسكرية أميركية من أصل 18 منتشرة في دويلات الخليج.. فما الذي يخيف «السعودية»؟ وما الذي تخشاه إذا كانت محميّة أميركية بالمفهوم العسكري والسياسي والاقتصادي؟ وما الذي تخافه إذا كانت مواردها الاقتصادية المستدامة بهذا الحجم؟ ولماذا توحي تحركاتها بالخوف والفزع الدائم إذا كانت صلبة إلى هذه الحدود؟.
هل تتمتع مملكة آل سعود بالصلابة.. وهل تقبض العائلة المستبدة على أحد عناصر القوة التي سبق ذكرها؟ أم إن الأميّة المقيمة فيها إلى جانب الجاهليّة البغيضة المدعّمة بالوهابيّة المدمّرة تجعلها تشعر بالضعف والخوف الدائم؟ أم ان شعورها بالعدميّة والانحطاط الفكري والتفكك العائلي يدعها باستمرار تقع أسيرة رهاب الخوف والهلع؟.
ليس تجنياً على مملكة الوهابية أن يقال عنها وفيها: إنها مملكة الخوف والفزع، وإنها مملكة القمع والاستبداد والتخلف، وإنها كيان التكفير والعمالة والخيانة الأول، وإنها المجتمع والنظام الأجوف المغلق وغير المسبوق في تاريخ أنظمة الحكم والمجتمعات البشرية.
يُعتقدُ أن ما تقدّم وحده يمثل جملة الأسباب الأساسية التي تقف وراء نوبات الخوف الدائمة التي تنتاب آل سعود، ويُعتقدُ أن العائلة المستبدة تتزود بالمخاوف التي تستبد بها من هذه الأسباب، فكيف سيكون حالها إذا تمكَّن عقلاؤها من إجراء مقارنة بين ما هم عليه من جمود وتخلف وتحجّر، وبين ما عليه الآخرون من حركة ومرونة وتقدّم؟.
بَنَتْ عائلة آل سعود مع ابن عبد الوهاب شرنقة حكمها الذي يقوم على تشويه الإسلام واحتكاره، ثم لتبني عليه وتنتزع منه شرعيتها الوهميّة، ثم لتقوم بنشره وتعميمه، وصولاً إلى تكفير كل من يرفض سلفيتها ووهابيتها وجاهليتها، وانتهاءً بإحداث الفتنة الكبرى في الأمّة، وهو ما يحدث اليوم تطبيقاً للمخطط البريطاني اليهودي الذي أصبح مكشوفاً دور آل سعود الوظيفي فيه، فبات انكشاف الدور وافتضاح المخطط سبباً إضافياً لتنامي الخوف الذي يعصف بالمملكة الوهابية.
ليس صحيحاً أن خوف ومخاوف المملكة الوهابيّة نابع من حرصها على العرب والعروبة، وليس صحيحاً أنها تخشى على العرب من تمدد النفوذ الإيراني، وليس صحيحاً أنها تسعى لملء الفراغ الحاصل في المنطقة في مواجهة إيران التي تحاول ملأه، وليس صحيحاً أن إيران هي العدو وليس «إسرائيل»، فالمملكة الوهابية هي التي تُفرّط بفلسطين والحق العربي، وهي من يحجّ إلى واشنطن تآمراً، وهي من يقيم العلاقات مع كيان الاحتلال والإرهاب «إسرائيل»، وهي من يموّل حروب أميركا وإسرائيل ضد العرب والمسلمين، وهي من يصنع الإرهاب ويغذّي التطرف، وهي من يعبث بأمن العرب والمنطقة بتمكين الغرب منها، وهي من يتحمّل مسؤولية الفراغ السياسي العربي وليس إيران أو روسيا كما تزعم كذباً، بل إنها هي من اشتغل مع الغرب لتُحدث الفراغ في الدور العربي بتآمرها على مصر وسورية والعراق، وهي من يدمّر الأمة في بعديها العربي والإسلامي.
ولأن «السعودية» فعلت ما فعلت في الماضي، ولأنها تفعل ما تفعل اليوم من موبقات أُسندت إليها من قبل دوائر الغرب المتصهين، وجب عليها أن تشعر بتزايد مخاوفها التي باتت تهددها في وجوديتها وليس باستمرارها ضعيفة مسلوبة القرار الذي لم تمتلكه يوماً، والسيادة التي لم تتعرف إليها أبداً، والملك الذي لم يُحكّمها أسيادها إلا بالفتات منه لتنفقه فقط على فسق ملوكها، وفقط على فجور أمرائها، وفقط في سبيل محاربة الفكر القومي بل والسياسي العربي بكل اتجاهاته.. وبعد فلم لا تخاف «السعودية» وهي تعلم أنّها تلعب في الوقت الضائع والمستقطع، وتعرف أن خروجها من الحلبة بات نتيجة حتميّة؟.