وزير الخارجية مايك بومبيو عبّر عن الموقف الأميركي بأسلوب البلطجة ذاته مع تسجيل إضافات نوعية سبقَ فيها سيّده الزئبقي دونالد ترامب، عجرفة وقرصنة، حتى ليَكاد المرء يعتقد أنه يستمع للص أو قاطع طريق لا إلى وزير خارجية دولة عظمى يَقود فريقها الدبلوماسي!.
قال بومبيو: (إن أُفدنا أن أيّ أحد يلمسها، أيّ أحد يَدعمها، أيّ أحد يسمح للناقلة الإيرانية بالرسو، يُعرض نفسه للعقوبات)، ويُضيف: (في حال تَوجهت الناقلة إلى سورية، سنَتخذ كل ما بوسعنا من إجراءات لمنعها من تسليم النفط لسورية).
قاطعُ طريق هذا أم وزير خارجية؟ دبلوماسيٌ فاشل هذا أم سياسيٌ عاجز مَقهور؟.
ما الإجراءات التي يُهدد بومبيو باتخاذها؟ وضد مَن؟ إذا كان المُستهدف بالتهديدات الدول الأوروبية التي تقع على المتوسط حيث مسار إبحار الناقلة، فإن بريطانيا، إسبانيا، سلطات جبل طارق التي خضعت في لحظة، وارتكبت حماقة الاحتجاز، قد تَراجعت وأفرجت، ورفضت طلب تمديد الاحتجاز، بل وتَتَحسب اليوم لقضية دفع التعويضات لطهران، وبالتالي فهل تَتَوقع واشنطن من أوروبيين آخرين التورط مُجدداً بقضية خاسرة، خضوعاً لبَلطجتها؟.
سورية وإيران يَربطهما تحالف استراتيجي مَتين مَكين، قوي جداً، تَفرض الولايات المتحدة عليهما عقوبات أُحادية غير مُلزمة لأيّ أحد في هذا الكون إلا التابعين لها الذين لا يتحركون إلا بأمر منها أو إشارة، وعليه فإن تسليم النفط لسورية من عدمه شأنٌ ثنائي بين الدولتين، حصل أو لم يحصل هو أمر يَخصهما، وكل ما تَمتلكه أميركا هو أن تُهدد بمزيد من إجراءات التضييق والحصار في إطار البلطجة والحرب الاقتصادية المُعلنة ضدهما.
أصلاً، ما الإجراءات التي لم تَتخذها أميركا ضد سورية وإيران؟ هل وَفّرت طريقاً أو إجراء أو نَمطاً من أنماط العمل المُعادي ضدهما لم تَستخدمه، لم تَدع منبراً أو وسيلة إلا ووظفتها بحربها واعتداءاتها على البلدين، وقد عجزت عن النيل منهما!.
نعم، أحدُ دوافع ارتفاع مُستويات البلطجة في تصريح بومبيو إيّاه، هو الشعور بالعجز، بل ربما يكون من بين هذه الدوافع الشعور المُتصاعد بالخشية من الهزيمة المُكتملة الأركان أمامهما، في كل الملفات، على جميع الجبهات، وفي كل المسارات السياسية والميدانية.
باندحار مُرتزقتها وأذرعها الإرهابية تَخسر واشنطن المعركة في سورية، وعلى التوازي تَستشعر حجم خسارتها في العراق، وتَرى بأم العين الأُفق المَسدود بورطة الحرب على اليمن، وإن طعمَ الهزيمة في لبنان ما زال عالقاً في الحلق، تَشعر واشنطن بمرارته مع الكيان الصهيوني، ولا تُخيّم عليهما سوى هواجس الخسارة والهزيمة إن ارتكبتا حماقة الإقدام على حرب جديدة، يَرى نتنياهو وترامب أنّ الإحجام عنها ليس حلاً أيضاً!.
في كل الحالات، البلطجة ليست حلاً، المزيدُ منها لا يُوفر الحلول. المأزق الصهيوأميركي عميق، الأزمة خانقة وستَشتد، فمع الانتصارات التي تُراكمها سورية وإيران مع باقي مُكونات محور المقاومة، تتراكم هزائم محور الشر والعدوان الصهيوأميركي بامتداداته الخليجية الغربية، وستَتعاظم، قد وَلّى زمن الهيمنة، مزيدُ البلطجة يُفاقم، الحل بالاعتراف، بالانكفاء، بالانسحاب، لا بالإنكار والبلطجة.