تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بوصلة السياسة الأميركيةإلى أين؟

إضاءات
الاثنين 15-6-2009م
خلف علي المفتاح

ربما تتوفر في هذه الفترة فرصة حقيقية لفتح صفحة في علاقات جديدة بين العرب وأمريكا لم تتوفر منذ خمسينيات القرن الماضي عندما حاول الرئيس الأمريكي داويت إيزنهاور ووزير خارجيته ذائع الصيت جون فوستر دالاس استمالة

مصر وسورية إلى جانب أمريكا إبان فترة الحرب الباردة وضمن مشروع استراتيجي أمريكي أطلق عليه آنذاك مشروع إيزنهاور لسد الفراغ في المنطقة، وكانت إسرائيل هي العقبة الحقيقية وراء فشل تلك العلاقة لأن الإدارة الأمريكية حاولت الجمع بين متناقضين بمحاولتها استمالة العرب إلى جانبها والوقوف إلى جانب الكيان الصهيوني المعتدي، وهذا يبدو من المستحيلات في السياسة, واليوم وبعد مرور أكثر من خمسين عاماً على ذلك تبدو الإدارة الأمريكية أمام تحد مشابه لذلك، فالواضح أن الإدارة الأمريكية الجديدة ونتيجة للوضع الذي وجدت أمريكا نفسها فيه من ترد اقتصادي وكراهية على مستوى الرأي العام العالمي نتيجة للسياسات الحمقاء التي ارتكبتها الإدارة السابقة تبدي رغبتها في خطاب تصالحي مع دول وشعوب العالم، يتأسس على مفردات جديدة وربما سلوك جديد يستبدل فيه ما كان يطلق عليه الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت عبارته المشهورة «تكلم برفق واحمل عصا غليظة» تكلم برفق واحمل روحاً جديدة وهو ما درج عليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أغلب كلماته وتصريحاته، وخاصة ما تعلق منها بالمنطقة العربية.‏

ويبدو واضحاً أن سياسة اسرائيل العدوانية تقف في وجه هكذا توجه وذلك من خلال خطابها وسلوكها الذي يحاول أن يلعب اللعبة نفسها مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ قيام الكيان وحتى الآن، وهذا ما يظهر من خلال استرجاع مقطع تاريخي للصراع العربي الصهيوني، فعلى الرغم من تبدل الأحزاب التي تعاقبت على حكم الكيان من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وكذلك تبدل الحكومات الأمريكية بين جمهوريين وديمقراطيين ، ومع تبدل الظروف الدولية من حرب باردة إلى ما يسمى نظاماً دولياً جديداً حاولت من خلاله أمريكا إحكام قبضتها على دول العالم إلى الحروب التي شنتها إسرائيل ضد العرب، وكذلك الحروب التي هُزمت فيها كحرب تشرين وعدوان تموز عام 2006 إلى وجود قيادات فلسطينية صنفت حمائم وصقورا، فالثابت في كل ذلك أن الصهاينة يراهنون دائما على الزمن الذي يرون فيه استهلاكاً للآخر وإضعافاً لموقفه إلى الدرجة التي تجعله يقبل بكل شروطهم، ولعل هذه المسألة جزء من عقيدة إستراتيجية صهيونية سارت عليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.‏

أمام هذا الواقع لابد من طرح المزيد من الأسئلة تتعلق أساسا بالعناصر التي تجعل ذلك الكيان يتخذ مثل هكذا مواقف، وهنا يمكننا أن نضع بالحسبان العديد من القضايا، البعض منها يتعلق بأمريكا الحامي التاريخي للكيان وإسرائيل ذاتها، والبعض الآخر يتعلق بالعرب، فعلى الصعيد الأمريكي تبدو الساحة الأمريكية بكل مكوناتها البيئة المثلى التي ينشط فيها الكيان من خلال استطالات جماعة الضغط في المجتمع الأمريكي إضافة إلى السيطرة الإعلامية الصهيونية، ناهيك عن تقاطع المصالح بين أمريكا وإسرائيل إلى درجة أن الكثير من الأمريكيين أفراداً ومؤسسات يعتبرون ما يسمى أمن إسرائيل جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الأمريكي.‏

وعلى الضفة الأخرى تبدو الوضعية العربية وخاصة النظام السياسي العربي غير قادر على تشكيل موقف عربي استراتيجي وضاغط على الطرف الآخر وخاصة أمريكا ،علما أنه يمتلك أوراقا مهمة وقادرة على التأثير الفعال في مجرى الصراع سواء في ساحته المباشرة أم على الساحة الأمريكية ذاتها وهذا ما لمسناه في حرب تشرين التحريرية عندما استخدم سلاح النفط للضغط على أمريكا والدول الأوروبية التي ساندتها في عدوانها على العرب وكذلك قبيل انعقاد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.‏

وانطلاقا من الفرضيتين يمكن التأثير الإيجابي وليَّ ذراع قادة الكيان من خلال العمل والتأثير في البيئة الأمريكية الداخلية التي يبدو أنها وحتى الآن غير مهيأة لتبدل من قناعتها إلا إذا استشعرت بجدية الخطر الذي يتهدد مصالحها ويصب في خدمة المصلحة الأمريكية العليا، خاصة أن المتابعين للشأن الأمريكي يتحدثون عن سماع لغة تشير إلى أن اللوبي الصهيوني يقدم مصالح إسرائيل على مصالح الولايات المتحدة عندما تكونان في حالة من التقابل وأن تياراً يمثله وزير الدفاع بيل غيتس وجيمس جونز مستشار الأمن القومي الأمريكي ينحو بذلك الاتجاه، إضافة إلى أن الرئيس الأمريكي نفسه يحمل رؤية مشابهة لذلك.‏

وعلى أي حال وبعيداً عن الاستنتاجات القريبة والبعيدة والتحليلات المختلفة والقراءات المتعددة لمسار العملية السياسية في المنطقة في حديها التفاؤلي والتشاؤمي، فإن المساحة المشتركة تميل إلى ترجيح حالة التفاؤل على الأقل في بنية ولهجة الخطاب الأمريكي الذي يحاول القطيعة مع الخطاب البوشي الذي عمل على إدخال العالم في أتون حروب أشبه ما تكون بالحروب التي مزقت أوروبا في القرنين الثالث عشر والرابع عشر عبر تبنيه لأطروحات صموئيل هانتغتون وبرنارد لويس, وليو شتراوس, وهارفي مانسفيلد, وغيرهم من منظري المحافظين الجدد.‏

إن القطيعة مع ذلك الخطاب يستلزم القطيعة مع تجلياته وتمظهراته ، وهنايبرز الكيان الصهيوني النموزج الحي لذلك، وهذا يوجب على الادارة الامريكية كي يكتسب خطابها الجديد مصداقية ، سياسة جديدة في المنطقة تنسجم مع مبادئ الشرعية الدولية وهذا ما يتناقض تماماً مع السياسة الرعناء التي كان أبلغ تعبير لها ما ورد في خطاب رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو مساء أمس والذي يشتم منه رائحة العنصرية والحقد والرفض لكل مستلزمات عملية السلام.‏

تعليقات الزوار

المهندس / محمد المفتاح - الرقة ومقيم في الرياض |  almoftah_2005@hotmail.com | 15/06/2009 22:18

الأستاذ / خلف المفتاح ، تحية وبعد : بوصلة السياسة الأمريكية إلى أين ؟ سؤال مهم يمكن أن نُتبِعه بسؤال آخر : بوصلة السياسة الأمريكية من يوجهها ؟ وبهذا أقول : 1 - منذ القيام اللاشرعي للكيان الصهيوني (قرار قيام كيان على أرض شعب وطرد ذلك الشعب غير شرعي ولو كان أممياً) ، كان خط السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل بشكل عام تصاعدياً ؛ مع بعض الاستثناءات التي يمكننا أن نجعل منها مرجعية ؛ 2 - أقوال الرئيس أوباما يمكننا البناء عليها في تغيير اتجاه البوصلة ولكن إذا اقترنت بأفعال ، وأعتقد أن الرئيس أوباما لم يكُ موفقاً عندما قال عن خطاب سيء الذكر نتنياهو بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح ، فمثل هكذا قول يزيد من عنصرية ذلك الإرهابي ؛ 3 - بوصلة السياسة الأمريكية تجاه منطقتنا العربية وجُهَتُها إسرائيل ، لأن المحرك هو اللوبي اليهودي وامبراطوريات الإعلام التي يملكها ومصالح أمريكا المبنية على مبدأ أن إسرائيل هي شرطي أمريكا في المنطقة والحارس المؤتمن على مصالحها النفطية .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11369
القراءات: 1097
القراءات: 845
القراءات: 999
القراءات: 877
القراءات: 943
القراءات: 957
القراءات: 914
القراءات: 986
القراءات: 934
القراءات: 974
القراءات: 913
القراءات: 939
القراءات: 977
القراءات: 1032
القراءات: 994
القراءات: 1090
القراءات: 1070
القراءات: 991
القراءات: 1054
القراءات: 994
القراءات: 1020
القراءات: 1047
القراءات: 1081
القراءات: 1318
القراءات: 1234

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية