وتسكن الأصوات، فيما القتلة والمجرمون يعيدون إنتاج الجريمة بتوصيفات أخطر، وبأطوار أكثر دموية.
اللافت أن المعركة فتحت على مصراعيها، وقد تعددت أدواتها، مثلما تعددت نماذجها، ومستوياتها، والإسرائيليون الذين اعتادوا على خوضها في الماضي كفعل هامشي، يجدون فيه تحديا تجاوز ما كانوا يتوهمون، وهذا يعكس إلى حد بعيد جدية المعركة وأبعادها التراكمية التي أضفت عليها بالضرورة تحولات نوعية ستظهر تباعا.
ولعل الإجراء الإسرائيلي الاستباقي، وإن كان بعضه يدخل في لعبة البازار الانتخابي، فإن يشير إلى ارتباك واضح أصاب المؤسسة السياسية الإسرائيلية التي ما فتأت تتحدث عن إجراءات ولجان وفرق عمل لتحصين جنودها وضباطها ضد أي ملاحقة دولية بسبب جرائم الحرب التي ارتكبت في غزة.
وإذا كان الإجماع الدولي، وباعتراف منظماته أن هناك جرائم حرب ارتكبت، وثمة دعوات رسمية صدرت عن أكثر من جهة بضرورة التحقيق بما ارتكب، فإن ركنا مهما من أركان الجريمة قد أقر به دوليا، والصور وشهادات الضحايا وذويهم تضاف لتشكل هي بدورها جزءا مهما وجوهريا للإقرار بالركن الأخر.
والمعركة اليوم وأن أخذت طابعها القانوني لا يمكن أن تخرج دون رداء سياسي يقتضي بالضرورة قرارا عربيا فاعلا وجماعيا لا يمس القرارات السيادية، ولا مواقف الاعتدال ، وبالتالي فإن الأمر يحتاج أيضا إلى إرادة سياسية تؤازره، وتشد من عزيمته وجديته.
قد يدعي البعض أن التجارب السابقة غير مشجعة في هذا الاتجاه، وأن هناك معوقات قانونية، وعراقيل سياسية، لكن هذا كله غير مقنع امام متغيرات حقيقية تطفو على السطح أنجزتها المقاومة بصمودها،لتصبح معها تلك المعوقات والعراقيل مجرد أوهام ليس أكثر، وإن بعض الجدية في المتابعة والملاحقة قد تعطي ثمارا مشابهة لذلك النصر الذي صنعته المقاومة.