وحين يقال في الغرب بأسره إن القرن يدخل - تدريجياً - في برج التنين.
في منتصف القرن، لا أكثر، غروب الغرب. وها إن جوزف ستيغليتز الذي تنبأ بالأزمة الاقتصادية قبل حلولها،يتنبأ الآن بالأزمة الإستراتيجية، ليسأل ما «إذا كان الديناصور الذي في داخلنا أصبح أكبر من أي شيء آخر».
هذه التوقعات لا تستند إلى الفانتازيا، ولا إلى الخيال الهوليوودي، ولا إلى الرغبة في التضليل من أجل إعادة إحياء الحيوية القديمة، وإنما إلى الأرقام، وإلى الاستشعار العملاني عن قرب أو عن بعد، حتى إن ستيغليتز يعلن أن الكاوبوي لم يعد حوذي العالم. يخشى أن يغدو - بعد حين - حوذي السراب. حوذي اللامعنى، وحوذي اللاجدوى أيضاً...
أجل، دخول في برج التنين. لاحظوا كيف يقرع المفكرون في القارة العجوز جرس الإنذار. يكتب أحدهم في «الفاينانشيال تايمز» عن «صهيل الآلهة في آسيا». لم يعد باستطاعة أحد أن يعيدهم إلى قبورهم. عملياً، تغير كل شيء.
يا للعرب الأعزاء حين لا يشعرون، ولا يستشعرون، أن هذا يحصل فعلاً. مرة تلو المرة قلنا هذا زمن مصاب بالصدأ، وكنا نأمل في أن تفتح قمة سيرت مجرد ثغرة على المستقبل، على الأقل لكي نرى كيف تتغير أزمنة الآخرين. لعل العدوى تصل إلينا ولو بعد حين...
ولكن كما سلمنا أمرنا ذات يوم لدنيس روس، نسلمه اليوم إلى جيفري فيلتمان الذي لا يزال في داخله الكاوبوي إياه. الكاوبوي الذي قال ستيغليتز إن قبعته الشهيرة تذروها الرياح. انظروا ماذا يحدث في كل تلك الأمكنة التي وطأتها الأقدام الأميركية..
كفى رهاناً عبثياً على امبراطورية تتعثر، وتتعثر (هذه أعراض التعثر أم أعراض الحشرجة؟..). أجل نصف قرن من الدوار، والدوران، السيزيفي داخل الملهاة الدبلوماسية إياها، يكفي..
ويكفي أن نبقى هكذا: عكازات خشبية تختال، أو تسقط، في الماضي، لكأننا نشعر أننا بحاجة، ولو لبرهة، إلى موت التاريخ. لعل القرن يستيقظ فينا، بدل أن يبقى قرن الماعز أمام قرن التنين...
الخشية من... قرن الدجاجة!!