المسألة ليست في الاعتراف ودوره في تأكيد ما هو مؤكد بل في أبعاد ومضامين المسعى الأميركي وحالة التوظيف للعدوان الإسرائيلي وانغماس البعض في تأدية دوره الوظيفي ضمن ذلك النسق ولا سيما لجهة الاستهداف الواضح للمقاومة.
الخطير في المسألة هو المسؤولية الأميركية المباشرة عن ذلك العدوان وحق لبنان في رفع دعوى ضد الولايات المتحدة الأميركية بحكم تلك المسؤولية عن الدمار الذي لحق بلبنان والضحايا الذين سقطوا نتيجة ذلك العدوان, وهي مسؤولية لا تقتصر على البعد الأخلاقي أو السياسي بل هي أيضا قانونية وتحتاج الى متابعة جدية.
قد لا يكون الأمر مقتصرا على لبنان وهو مدعاة تفاعل وتشابه في مناطق عديدة من العالم, ولكن التجربة في لبنان لها مدلول خطير في التعاطي الأميركي مع الوظيفة الجديدة لإسرائيل حيث كانت العادة أن يوظف الدور الأميركي لتحقيق أهداف اسرائيل, أما الآن فالأمر مختلف حيث أضحت إسرائيل أداة لتنفيذ أهداف أميركية عبر توظيف عدوانها.
بالطبع لم تقتصر اعترافات بولتون على ذلك فحسب بل شكلت بحد ذاتها جزءاً من الدراما السياسية المبتورة التي تقودها الإدارة الأميركية في المنطقة ولا سيما عندما يتعلق بأداء هذه الإدارة وقصورها المثير لمعضلات تكاد لا تتوقف.
من هنا شكلت هذه الاعترافات بوابة للنظر بصورة مغايرة لكثير من الأحداث, كانت في السابق غير متاحة واليوم حيث المنطقة أمام تحديات مفصلية خطيرة لا تقتصر في تداعياتها على الاتجاهات التي يمكن تخطيها في اللحظة الراهنة إنما تمتد لتشكل الوجه الجديد للمنطقة كما ترغب به الإدارة الأميركية, وإن كان ذلك الوجه بكل الحسابات أمرا غير قابل للتطبيق في ظل ممانعات حقيقية, كانت كافية لتغيير الكثير من ملامحه بل ربما في تغييره بالكامل وهو ما نلمسه تباعا من خلال تداعيات الفشل الأميركي المتتالي.