ومع احترامنا للآراء التي لاترى في تلك الزيارات الإيجابية التي يتطلع اليها المواطن لأسباب مختلفة, فإنه يمكننا القول: إن الزيارات الثلاث التي حظيت بها محافظة طرطوس-على سبيل المثال- من قبل رئيس الحكومة وعدد من الوزراء خلال سبعة أشهر أدت حتى الآن لمعالجة عدة قضايا مزمنة مضى عليها سنوات تزيد كثيراً على سنوات الأزمة, كما وضعت قضايا أخرى على طريق المعالجة بعد أن تم رصد الأموال اللازمة لها أو بعد أن تم الأخذ بوجهة نظر السلطة المحلية بخصوصها, وأسست لواقع إداري وتنموي أفضل في حال تم الالتزام بما تم اتخاذه من قرارات ووعود بآليات عمل جديدة وجادة.
لكن الأسئلة التي تفرض نفسها في ضوء ما طرح أو ماكشف عنه خلال تلك الزيارات هي: متى ستخفف السلطات المركزية في العاصمة من وصايتها على السلطات المحلية؟ ولماذا لاتعتبرها (سلطات راشدة) وتعطيها سلطة القرار النهائي في كل أو معظم ما يخص مناطقها؟ وإلى متى ستبقى حالة قذف الكرات بين السلطات المحلية والمركزية هي السائدة وفق ما أشار إليه رئيس مجلس الوزراء شخصياً وأكد ضرورة إنهائه؟
نترك الإجابة برسم أصحاب القرار ونقول: إن قذف الكرات سببه إما قانون الإدارة المحلية وبعض القوانين النافذة الأخرى, وإما ضعف الإدارات التي نسند لها المهام, وإما (التوجيهات الشفهية) والخوف من عدم الأخذ بها, وإما التهرب من المسؤولية والبحث وراء المصالح الشخصية الضيقة لهذا المسؤول أو ذاك, ومن ثم فإن السلطات المحلية سوف تستمر في قذف الكرات إلى مرمى السلطات المركزية بخصوص معظم القضايا العامة التي يفترض أنها تدخل ضمن صلاحيتها في حال لم تعالج الأسباب التي ذكرناها, وهكذا بالنسبة للسلطات المركزية التي نلمس أن الكثير من القائمين عليها يقذفون الكرات باتجاه مرمى السلطات المحلية من دون أن يتبعوا ذلك بالمساءلة والمحاسبة إلا بعد فوات الأوان في معظم الحالات.