لأنها لم تكن خارج السياق الذي يتحدث فيه عن قرار وهم لا معنى له، ولا جدوى منه.
فالتوبة المعلنة ليست أكثر من تكفير إضافي يقيه شر سوء الشك من البعض، أو خشية من أن يفهمه أحد بالخطأ، وهي في كل الأحوال كافية للنطق بما لم ينطق به سابقا ، أو ما لم يتجرأ على البوح به، وهي في أهم تجلياتها التعبير المنطقي عن الحصيلة الفعلية.
هي لم تأت من فراغ، ولا هي منفصلة عما قبلها، كما لن تكون خارجة عما بعدها، وفي التراتبية النهائية يقف الفصل الإسرائيلي من المسرحية جاهزا للعرض بعد الاختزال المتتالي بدءاً من استثناء القدس وصولا إلى عودة المستوطنين إلى تسلم قرار الترميم، مرورا بالبنية التحتية التي لا يشملها قرار التعليق أصلا.
وبين التسويق الإسرائيلي المتخم بالتهديد والوعيد وبين الصمت الدولي حيال هزلية العرض الإسرائيلي الذي سوق على أنه صمت القبول لا الرفض، تتسابق الكرات المرمية تارة في ملعب الفلسطينيين وتارة في مرمى المجتمع الدولي ، وأخرى في ملعب الوقت والزمن الذي لم يبق منه سوى ثمانية أشهر.
ثمانية أشهر ستكون كافية لتوبات متتالية لن تكتفي ولن تقتصر على توبة تعليق الاستيطان، وإنما ستتعداها إلى الكثير مما سيطلق عليه تراجعات تبدو قائمتها طويلة وممتدة، وهي التي تعتبر في العرف الإسرائيلي أيضا خطأ يجب ألا يتكرر.
وفيما السجل الإسرائيلي متخم بالأخطاء تلك يتواصل حديث المناورة الإسرائيلي ليصل حدوداً وسقوفا من التضليل غير المسبوق وليلامس في بعض تفاصيله جملة من الاعتبارات السياسية المتصلة ليس آخرها ما يدور في كواليس السياسة الإسرائيلية من خطط ارتدادية لن يكون الاستيطان وحده مجالها الرحب، بل ستمتد لتشمل عملية السلام بحد ذاتها وهذه المرة علنا ودون أي رتوش تغطيها.
الأكثر من ذلك حديث الإسرائيليين المتكرر عن سيناريوهات قادمة أو بديلة أو احتياطية سيتم اللجوء إليها في الوقت المناسب، وحين يكون متاحاً لتلك البدائل أن تجد طريقها إلى التنفيذ، وهي لا ترتبط بأي تطور ولا علاقة لها بتلك التوبة التي أعلنها نتنياهو بقدر ما هي تمهيد عملي لها، على الأقل على المستوى الداخلي الإسرائيلي الذي ما زال عطشا أكثر من أي وقت آخر لمزيد من التطرف في الفعل أكثر مما هو في القول !!
a-k-67@maktoob.com