ومما لاشك فيه أنه في المدن الرئيسية تأخذ هذه الناحية أبعاداً كثيرة وأهمها المراعاة في التوسعات العمرانية وشق الطرق على أن تتناسب وواقع هذه المدن ومحاولة الاستفادة من جميع المساحات لتعكس بالمحصلة شكلاً حضارياً وجمالياً وبيئياً وصحياً.
الملاحظ أن معظم هذه التوسعات لاتعطي مساحة واسعة للخضرة والأشجار والحدائق ما يجعلنا أمام كتل اسمنتية ضخمة ، ونعلم جميعاً مدى فائدة الخضرة الدائمة حول وبجوار الأبنية فهي بمثابة فلاتر طبيعية تخفف من معدلات التلوث ، طبعاً توجد تجمعات سكانية تأخذ بالحسبان هذه النواحي وبعضها يصلح لأن يكون نموذجاً من خلال اتساع المرافق والحدائق فيه .
الذي جعلنا نتحدث بهذا الاطار هو معدلات التلوث التي بدأت تزداد في المدن الرئيسية وتنذر بمخاطر كثيرة لها انعكاسات مباشرة على صحة الانسان ، وهذا الأمر بحاجة الى معالجات بعضها سريع وبعضها على المدى البعيد، فعلى المدى القريب لابد من التشدد على وسائل النقل التي تفتقر الى الصيانة الدورية للحد من ارتفاع معدلات التلوث أو التخلص من المركبات التي استهلكت بالمعايير الفنية والتصنيعية، الأمر الآخر هو التأكد والمتابعة لوضع الفلاتر المناسبة للمعامل التي تنبعث منها غازات أو دخان أو غبار يؤثر على البيئة ، وأما على المدى البعيد لابد من التشدد والمراقبة الصارمة على الآليات والمركبات التي يتم استيرادها لتكون صديقة للبيئة إضافة الى التشدد على المعامل التي يتم احداثها والأخذ بالحسبان النواحي البيئية اضافة الى توضعها في اماكن بعيدة عن التجمعات السكنية أو ضبط معدلات التلوث في المنشآت الموجودة على أرض الواقع.
توجد عوامل كثيرة وممارسات جعلتنا نصل الى هذه المعاناة والمعدلات التي تتزايد في نسب التلوث ولاسيما في مدينة دمشق ، وهذا الأمر يتطلب تتضافر الجهود ووضع الآليات المناسبة والملائمة للوصول وبشكل عملي لخفض نسب التلوث وبالتدريج ، ولابد من التوعية المستمرة والدائمة عبر جميع الوسائل وايجاد الادوات المناسبة للحد من انتشار السكن العشوائي الذي يفتقر الى ادنى الحدود التنظيمية والبيئية والصحية عدا عن النواحي الجمالية التي تشوه منظر المدن اضافة الى عدم قدرتها على تحمل أي نوع من أنواع الكوارث الطبيعية.