وقد كان للتعاون الروسي مع سورية منذ نهاية شهر أيلول الماضي الأثر الكبير في جلاء الصورة التي سوقها الغرب عما يحدث في سورية عبر وكلائه وعملائه ووسائل الإعلام المضللة.
واشنطن دعمت الجماعات الإرهابية المسلحة سواء بالشكل المباشر أم بالواسطة عبر الأجراء في المنطقة أو الوكلاء الأوروبيين الذين ذاقوا وعانوا جراء بدء الجماعات الإرهابية رحلة العودة إلى حيث سهلت لهم أوروبا الاتجاه شرقاً عن طريق معبر الإرهاب التركي، والتي صنفت الإرهابيين بين متطرفين ومعتدلين وفق معاييرها وما يمكن أن يخدم مشروعها في المنطقة، عادت لاجتزاء وتقييم المتطرفين حسب تصنيفها لتقسيمهم بين إرهابي سيىء وإرهابي جيد، فداعش إرهابي لأنه تمرد على أسياده وتمدد فيما لم يمكن مخططاً له ذلك وبين تنظيم النصرة التي وصفته مؤخراً بأنه إرهابي جيد لأنه تنظيم مطواع مستمع إلى أسياده ولو عن طريق الأجراء أمثال تركيا أردوغان ودوحة التآمر في قطر التي رعت هذا التنظيم وتقاسمت مع المملكة الوهابية القيام بالأدوار القذرة في سورية في رعاية التنظيمات الإرهابية وتقديم الدعم لها عبر ثالوث الشر أردوغان.
ورغم معرفة واشنطن بأن تنظيم النصرة هو النسخة الشرقية لتنظيم القاعدة ولا يختلف عن تنظيم داعش سوى بتفاصيل التبعية المذهبية والمادية على الأكثر، تستمر في تصنيفه بأنه «إرهاب جيد» وأصبحت المصطلحات تتوزع بين «معتدلة» وإرهاب جيد وهي تتحالف مع كل تلك التنظيمات رغم علنية إعلانها أنها ضد الإرهاب.
أمريكا إذاً ضد الإرهاب ولكنها في الواقع ليست ضد الإرهابيين، وليس أدل على ذلك من رفضها مع فرنسا تصنيف الجماعات الإرهابية التي ارتكبت المجازر في أعلى لائحة الإرهاب في مجلس الأمن كما اقترحت روسيا.
ورغم أن خروقات اتفاق وقف الاعمال القتالية اليومي من التنظيمات الإرهابية «الجيدة والمعتدلة» تجاوز الستمئة فما زالت روسيا تأمل من واشنطن التعاون في إعطاء الفرصة للتنظيمات الإرهابية لفك ارتباطها بتنظيم النصرة الإرهابي من دون فائدة.
لأن واشنطن تستفيد من هذه الحالة ولا ترغب في تغييرها وهي تعمل على خلط الأوراق والتعامل مع الفصائل الإرهابية المتناقضة مع بعضها لإبقاء حالة الإرهاب أطول وقت ممكن من دون إيجاد حل سياسي في سورية لأن الحل السياسي إذا حصل فسيفضح عملاءها وعملاء الرياض من مرتزقي فنادقها ويعيد الأمن والاستقرار إلى سورية وهو آخر ما تبحث عنه واشنطن ويعبر عن سياستها في مقاربة الأزمة في سورية على عكس السياسة الروسية التي تجهد للبحث عن حل سياسي ينهي حالة الإرهاب وينصر الشعب السوري عليه.