فإن لم يكن ثمة تحديد للمشكلة واتفاق عليها فلا مجال ولا جدوى اطلاقا للحديث عن حل سياسي والسؤال هنا هل تتفق كل الاطراف والقوى المعنية بالأزمة سواء كانت داخلية أو خارجية على طبيعتها وجوهرها وحقيقتها.
والجواب على ذلك بالتأكيد هو لا، فالمشكلة هي من وجهة نظر الدولة السورية وغالبية الشعب السوري والعديد من أطراف المعارضة تكمن في الارهاب والعنف و التدخل الخارجي والمس بالسيادة السورية والحرب الاقتصادية التي تشن على الشعب السوري ومحاولة مصادرة ارادته السياسية وتغليب الارادة الخارجية على الارادة الوطنية هذه باعتقادنا المشكلة أما بنظر ما يسمى المعارضة الخارجية او ما يطلق عليه ( الائتلاف ) والقوى التي تقف خلفه وتوجهه فهي النظام السياسي في سورية وضرورة اسقاطه تحت اي عنوان وبأي وسيلة مهما كانت او رحيله بالضغط والابتزاز والإرهاب والعنف وغيرها من الاساليب غير الديمقراطية والمرفوضة على كل صعيد .
من هنا تبدو المشكلة أكبر بكثير من حديث عن حل سياسي او حوار سياسي بين هذه القوى او تلك والسلطة الوطنية السورية ناهيك عن العنصر الأهم في ذلك وهو الدور الذي تقوم به القوى الخارجية وسطوتها وسيطرتها على القوى التي تدعي انها معارضة يزعمها تمثيل الشعب السوري وهي في حقيقتها وطبيعة دورها لسان حالها والناطق باسمها والمعبر عن مصالحها لا المصالح العليا للشعب السوري وهو ما يدركه كل من يعرف حقيقة طبيعة الدور الموكل لها والخطاب المتذبذب الذي تتبناه او يوكل اليها .
لقد احتاجت الازمة في سورية الى زمن وثمن حتى تتكشف الابعاد الحقيقية لما يراد لسورية وشعبها وجيشها ونظامها ومؤسساتها الوطنية ونظامها السياسي ولقد كان الثمن غاليا والجرح عميقا دفعه السوريون من دماء ابنائهم وأمنهم واستقرارهم وما انجزوه على الصعيد الاقتصادي والتعليمي والصحي والبناء المؤسساتي ومع ذلك كله لا يزال البعض يتحدث عن معارضة تساوي ما بين المجرم والضحية ما بين الارهابي والمقاوم ما بين من يعمر ومن يدمر وهذا أمر لا يمكن تبريره تحت اي عنوان ومهما كانت طبيعة الظروف والموجبات وثقل التبعات ما يعني أن على الجميع وبدون استثناء اتخاذ مواقف واضحة وصريحة في مواجهة ما يجري بعد ان تكشفت الحقائق وأصبح الارهاب والقتل والعنف ومحاولة العبث بوحدة البلاد واستقلالها وسيادتها واضحةً امام الجميع.
من هنا تبدو مراجعة المواقف والخطاب وتكييف المسألة بشكل دقيق وموضوعي مسألة غاية في الأهمية بهدف الحديث الجاد عن مبادرات للحل او حوار بين المعارضة والسلطة الوطنية السورية بهدف الوصول الى قواسم مشتركة توسع في المشترك الوطني وتظهر القوى السياسية على صعيد واحد بمواجهة الاخطار الداخلية والخارجية التي تهدد الدولة السورية والفكرة الحضارية والعقد الاجتماعي الوطني بعيدا عن اي عصاب سياسي او ايديولوجي تصبح فيه المصالح الوطنيةً العليا للشعب العربي السوري واحترام ارادته وخياراته السيادية فوق كل الاعتبارات والمصالح الضيقة أيا كان العنوان الذي تختبئ خلفه والقوى التي تتلطى وتحتمي بها .
khalaf.almuftah@gmail.com