ورغم إشارته الواضحة إلى الوصف الذي استخدمه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي في خطاب ألقاه في 9 نيسان الجاري ، في وصف القادة الجدد في المملكة كـ «شباب عديمي الخبرة»، إلا أن هندرسون، وجرياً على عادة مراكز الدراسات والأبحاث الأميركية في ما تنشره من دراسات للعموم وليس لصناع القرار، يناور غير مرة في تثبيت وصف المرشد الخامنئي من جهة، وفي تقديم شهادات مجانية لابن الملك من جهة ثانية.. فلا هو يعارض الوصف ولا ينكره... تماماً كما تفعل سياسات بلاده وإدارة البيت الأبيض في المنطقة العربية اليوم!
قلت غير مرة وأعيد اليوم، أن مملكة الرمل والجهل، وعبر تاريخها القصير نسبياً والمنحصر في بيع النفط ومراكمة عائداته الهائلة من جهة أولى، وفي إعادة إنتاج الوجه الأسوأ والأكثر دموية للعقائد الدينية المتعصبة من جهة ثانية.. لم تنتج سياسة ولا سياسيين، بل لم تكن تحتاج أياً من مناهج السياسة أو حتى الكياسة الدبلوماسية تعلماً أو ممارسة، فقد كان ثمة أداتان اثنتان تقومان بما يكفي لإظهار هذه المملكة في هيئة دولة، الأولى : مال النفط الوفير وقابلية شراء السياسات والمواقف والذمم على حد سواء، والثانية: الحماية الأميركية التي لازمت نشوء المملكة وأبقته على ما نشأ عليه دون أي جهد لتطوير أو تحضير!
ولعلني هنا استعير وصف الإمام الخامنئي للتحول الوحيد والخطير منذ العدوان على اليمن في ما يسمى سياسة سعودية إذ يقول إنها «انتقلت من رباطة الجأش إلى الهمجية»، لأقول بدوري أن لا انتقالة ولا من يحزنون.. فالهمجية هي اللب الحقيقي لما يمكن تسميته مجازاً سياسة سعودية، سواء جاءت من جيل العجائز أو الشباب في سلطة آل سعود، وأن عشرات السنين السابقة وما رافقها من أحداث ومواقف.. لم يكن لمملكة الرمل فيها أن تحتاج الكشف عن تلك الهمجية تحت مظلة الرعاية الأميركية اللصيقة، وبالتالي، لم تكن رباطة الجأش الظاهرة في المواقف السعودية المعلنة وفي تقاسيم وجوهها تلك.. سوى التعبير الحقيقي عن هيئة الجاهل الصامت.. وقد بدا رزيناً ورابط الجأش!!
وإذا كان لهندرسون ومعهده وإدارته أن يتعمدوا فلسفة البديهيات ومحاولات نقض إثبات المثبت، فلأن ما يرمون إليه ليس الحقيقة، بل ظلالها وما تخفيه من مصالح مادية أميركية هائلة.. هي في منظور البراغماتية الأميركية نفع لا ضرر فيه.. ولتذهب تلك المملكة وملوكها إلى الجحيم في نهاية الأمر؟
على هذا النحو من البروباغندا الإعلامية والبحثية الأميركية، وعلى ما يقابلها بالتوازي من الانبهار العربي المزمن بها وبما تنتجه، وبينهما المال السياسي الوضيع والذمم والأقلام المباعة قبل الطلب.. تتحول مملكة الجهالة إلى واحة من الحرية والديمقراطية والحقوق الإنسانية ؟