تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تحريم القبلة !.. يا لتعاسة العشاق

معاً على الطريق
الخميس 7-5-2009م
عبد النبي حجازي

للحضارة الإنسانية جانبان: الجانب الفكري ، والجانب المادي الذي يعنينا في هذه الزاوية ، والذي تراكم عبر قرون طويلة منذ اكتشف الإنسان النار

وحتى اخترع القنابل الفوسفورية (كالتي أطلقت على الشعوب الآمنة في العراق ولبنان وغزة ..) ولهذا الجانب المادي من الحضارة مزايا إيجابية لا تعدّ ولا تحصى تجلى فيها الترف والرفاهية والاستهتار, فكانت نتائج هذا التجلي ما نرى من أوبئة: نذكر هاهنا: (السارس) و(الحمى القلاعية) و(جنون البقر) و(انفلونزا الطيور) و(بق الفارش) و(انفلونزا الخنازير) وكلها باستثناء (الإيدز) تنتشر في الحيوان وتنتقل بسلاسة إلى الإنسان منطلقة من المجتمعات الغربية تملؤها بالرعب وتحصد الأرواح بالآلاف .‏

ولعل أخطر ما فيها هي العدمية التي تطوق الأفراد وتعزلهم بعضهم عن بعض لأن الأخطر في انتقال الوباء من إنسان لآخر هو (النَّفَس) و(اللّمس) وبخاصة (القبلة) التي هي سلسبيل الحب والحنان وأمنية العشاق والمغرمين . وهكذا تفسخت الحضارة الغربية وغدت ضرباً من الهمجية تبدل فيها الإنسان وحشاً أشدّ ضراوة , وماتت فيها القيم .‏

تصوروا أن تُحرم الأم من تقبيل ابنها وشمه وضمه ، وأن يغدو الزوجان هيكلين يحملق كل منهما إلى الآخر كمن يتأهّب للنزال , تصوروا أن يصير الإنسان جماداً لا مشاعر ولا أحاسيس.‏

نحن بلاد الشمس المشرقة تجلو قلوبنا وفيافينا وتسقينا رحيق الحياة . نحن بلاد الرياح التي تثب على نوافذنا وأبوابنا وتجر ذيولها في بيوتنا وخيم بوادينا تكنسها من الأوبئة والأدران.‏

وُلد فينا عيسى الذي وهب الإنسانية الحضارة المسيحية سلاماً ومحبة مضحّياً بنفسه ليصلبه (بيلاطوس) اليهودي كما يُصلب شعب القدس هذه الأيام , ووُلد فينا محمد «ص» الذي دعا العالم إلى الحضارة الإسلامية محبة ورحمة . وردّ إلينا الغرب (مسيحيّتنا) ملطخة بالغطرسة والدمار وخراب الضمائر . ولكن مادامت كنائسنا تقرع أجراسها ومادام أطفالنا يعمّدون على مذابحها , ومادمنا قادرين أن نتحدى وحشية المفترسين ومادام المؤذنون يرفعون الأذان ومادام بيننا من يتوضؤون ويغتسلون ويصلون خمس مرات في اليوم ، فإننا المنتصرون .‏

لقد بدأت الحضارة الغربية تتفسخ ، وبدأت عنجهيتها تنتكس . إنها قوة أمريكا تضرب بذراعها الطويلة أي نقطة في هذا العالم ، وتضع تحت إبطها هيئة الأمم المتحدة ومجالسها ومحاكمها الدولية, تحرّم على الآخرين ما تبيح لنفسها ولإسرائيلها , وتواكبها أمم تقرّحت أنيابها من سحق عظام الشعوب , وبدأت الحقيقة تشمّر عن ساعديها وتكشف عن ساقيها تتأهب ببطء وثبات لتنقض على ذياك التاريخ الملطّخ بالسواد ، وتطويه وتخزنه على الرفوف .‏

إن تاريخ الإنسانية قائم في ذاكرة الشعوب يتوالد ناسها ويعيشون ويفنون ، لكن هذه الذاكرة باقية بقاء الإنسان على وجه البسيطة كالسماء المرصعة بالنجوم .‏

إن قوة الإنسان ليست في القدرة على البطش والطغيان ، بل في الحلم والأناة ، والصبر على الشدائد , وإن الحضارة الغربية وبال على الإنسان تستدرجه إلى الدرك الأسفل لتمنّيه بالسقوط الأبدي . ‏

anhijazi@gmail.com

تعليقات الزوار

أبو علاء |  haialaa1952@hotmail.com | 07/05/2009 19:48

سيدي العزيز: أنسيتنا القبلة ودواعيها وأدخلتنا في مجاهيل السياسة. قد تكون على حق. كنت أشاهد أمهات فلسطين كيف يقبلن أولادهن وهم صرعى أعداء مشتركين من يهودوأمريكان وأوربيون وبعض العرب، أتاملهن وأنا أكاد أنفجر وأسأل ماطعم القبلة المغمس بالدمس والشوق إلى أعزاء لن نراهم ببعد ذلك الوقت، لكن رجاءنا أن نراهم في جنات النعيم. شكراً لك ياسيدي

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد النبي حجازي
عبد النبي حجازي

القراءات: 2086
القراءات: 1027
القراءات: 1027
القراءات: 1026
القراءات: 1224
القراءات: 1048
القراءات: 987
القراءات: 1273
القراءات: 1236
القراءات: 1096
القراءات: 1579
القراءات: 1144
القراءات: 1668
القراءات: 1189
القراءات: 1146
القراءات: 1242
القراءات: 1185
القراءات: 1264
القراءات: 1252
القراءات: 1257
القراءات: 1472
القراءات: 1606
القراءات: 1420
القراءات: 1345
القراءات: 1749

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية