اذ ينزع الناس في طبيعتهم الى رفضها أو التعبير عن الاستياء من ممارستها عليهم رغم أن الشرائع تحض عليها والأدبيات الأخلاقية والقيمية تذكر بها على الدوام بل تعدد أشكالاً لها من رقابة الله إلى رقابة الضمير والذات وغيرها، فضلاً عن اهتمام المشرع بها وجعلها أساساً (محكاً ومعياراً) لتطبيق القوانين.
كل شيء اليوم يحتاج الى الرقابة كي يكون آمناً، التجارة – الصناعة – المنتجات – المصارف – التعليم.. العمل مهما كان شكله ونوعه ومستواه كنشاط إنساني يمارسه البشر في أربع جهات الأرض.. لماذا.. هل لأن العالم يشهد تراجعاً في التزام القيم أم انه نزوع طبيعي لمخالفتها عرفته البشرية منذ آدم ولاتزال ؟!.
هو سؤال صعب ومهم لكن الاجابة عنه أصعب وأهم ربما تشير كثرة القوانين الوضعية المعنية بتحديد آليات الرقابة الى صعوبة الاجابة عنه وتؤكد من جانب آخر أنها نتاج طبيعي له ولمشروعية الاستمرار في طرحة مااستمرت محاولات الغش والتدليس والتلاعب وحالات الفساد المتعددة.
في عالم الاقتصاد صناعة وتجارة هناك اليوم العديد من القوانين لمكافحة وقمع هذه الحالات، ولضبط الأسعار وضمان سلامة الغذاء والبيئة، ولتنظيم الأسواق والرقابة عليها حفاظاً على الحقوق والواجبات في المجتمع وبين أفراده..
حتى أن وجود هذه القوانين من عدمه أمسى حالة حضارية يقاس على أساسها تقدم المجتمعات تحت مسميات الجودة والمواصفات والمقاييس والمطابقة، فهل تخلفنا عنها ولماذا ؟ وهل أمست مسألة قانونية بحتة أم أنها تنطوي على مفاهيم ومعطيات أخرى ؟!.
لن نسعى للاستغراق بهذه الجدلية على أهمية وضرورة فهمهاوتحليلها طالما أن عالم اليوم يهتم بالرقابة كمفهوم له أبعاد فنية وحقوقية غرضها النهائي أخلاقي يتعلق بسلامة الناس وينظم العلاقات فيما بينهم.
وعليه ربما يسهل الاستنتاج بأنه بات لزاماً على المنتج والعامل والحكومة – كل حسب دوره – أن يمارس الرقابة الذاتية السابقة واللاحقة التي تستند الى المعايير المحددة التي تسمى مواصفات أو مقاييس سيخضع المنتج لاختبارات معروفة كي يحظى بالشهادة والاعتماد ليستطيع النفاذ الى السوق ودخول ميدان التنافس، فأين نحن من الأنظمة الفنية للجودة ؟ وهل يدفعنا التعرف الى موقعنا من ذلك الى الاسراع بحرق المراحل والاهتمام أكثر بسياسة الجودة والترويج لها بين الصناعيين الوطنيين فنحفظ صناعتنا ونحجز مكاناً لها ونترقب نتائج لانخشاها أبداً ؟!.