تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


استقلال أم انفصال؟

معاً على الطريق
الثلاثاء 24-10-2017
خالد الأشهب

حين أعلنت سلطة كردستان العراق نيتها إجراء استفتاء تمهيدي للانفصال عن العراق واقتطاع جزء من أرضه وشعبه وسيادته، تداول الإعلام الغربي ذلك الإعلان بصيغة أنه استفتاء على السيادة والاستقلال للإقليم الكردي

متجاهلة تماماً أن الاستفتاء إياه هو أيضاً خرق لسيادة العراق واستقلاله ووحدة أراضيه، وهي الصيغة الإعلامية والسياسية التي لم يتداولها ذلك الإعلام في تغطيته لمحاولة استقلال الاقليم الكتالوني في اسبانيا !‏

ينطبق الأمر على صيغ مشابهة استخدمها الإعلام الغربي في وصف حركات وحراكات أخرى جرت هنا وهناك، كصيغة “ الثورات الملونة “ التي عصفت ببلدان أوروبا الشرقية بعيد الانهيار السوفييتي الكبير، واستعارة بعض الأسماء الإيجابية لوصف حراكات أخرى كـ “ ثورة الياسمين “ و “ ثورة الكرامة “ وغيرها !!‏

وإذا كانت مثل هذه الاستخدامات والألاعيب الإعلامية والسياسية جديدة علينا في المنطقة العربية، فإنها ليست كذلك على الدوائر الاستخبارية الغربية التي تورطت في إشعال معظم هذه الحراكات حول العالم، فقد سبق لهذه الدوائر أن حاولت بث الفرقة والتشتيت داخل بلدان حلف وارسو، في وقت مبكر من إنشاء هذا الحلف رداً على إقامة حلف شمال الأطلنطي “ ناتو “، إذ أطلقت على المحاولة الانفصالية التي دبرت لها في تشيكوسلوفاكيا السابقة عام 1968 اسم “ ربيع براغ “، مدعية أن محاولة “ الإصلاح “ التي أعلن عن إطلاقها في ذلك البلد حينئذ لا تستهدف سوى تطبيق ما جرت تسميته في ذلك الحين “ الاشتراكية الانسانية “، في إيحاء غير مباشر بأن الاشتراكيات التي سادت شرق القارة الأوروبية في ذلك الوقت لم تكن انسانية ؟‏

لكن المثير في تلك التجربة هو سرعة الحسم التي أبداها حلف وارسو تجاه المحاولة الانفصالية المبكرة في تشيكوسلوفاكيا، إذ لم تستمر المحاولة أكثر من سبعة أشهر بدأت مطلع العام 1968 وانتهت في آب من العام نفسه باجتياح قوات حلف وارسو العاصمة براغ خلال ليلة واحدة، استيقظ سكان العاصمة بعدها ليجدوا قوات الحلف وقد حلت حتى محل شرطة المرور .‏

قد يتحدث البعض عن شروط ومناخات مختلفة أحاطت بإجهاض محاولة “ ربيع براغ “ الانفصالية لم تحط بغيرها من المحاولات الأخرى، وقد يجري الحديث عن أزمان مختلفة وعن لاعبين مختلفين .. غير أنني لا أجد في التمهل بحسم الموقف من مثل هذه المحاولات سوى ما يؤخر الحسم ويميّعه، ويمنح المزيد من المشروعية لهذه المحاولات، بل ويؤسس لظروف ومناخات مواتية للانفصال لا لرأب الصدع، ويوحي بأن ثمة ما يبرر المطالبة على الأقل بالانفصال إن لم يكن بتنفيذه، فضلاً عن أنه يمنح الوقت الكافي واللازم لمدبري المحاولة استكمال مخططاتهم في تحويل الانفصال إلى حالة أمر واقع ؟‏

أليس ما يجري في الشمالين العراقي والسوري اليوم شبيه تماماً بما جرى من قبل في أماكن أخرى حول العالم ؟ أليس ما يجري هناك تهيئة تمهيدية وبنيوية وقاعدية لما تدبره الدوائر الغربية قبل أن تعلن صراحة وعلانية عما تخطط له ؟؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2100
القراءات: 2522
القراءات: 2478
القراءات: 2254
القراءات: 2622
القراءات: 2566
القراءات: 2503
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2699
القراءات: 2401
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3010
القراءات: 2792
القراءات: 3170
القراءات: 3119
القراءات: 3225
القراءات: 2622
القراءات: 3092
القراءات: 3578
القراءات: 3340
القراءات: 3397

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية